والله يحقّق ما نأمله له، ونرجوه لأنفسنا، وينحسر عنّا هذا الضّباب الّذي ركد علينا، ويزول الغيم الّذي استعرض في أمرنا، وعلى الله توكّلنا، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
[الطلاق: ٣] .
رسالة في شكوى البؤس ورجاء المعونة وجّه بها المؤلف إلى الشيخ أبي الوفاء المهندس الذي كتب له المؤلف هذا الكتاب وختم كتابه بها
أيّها الشيخ، سلّمك الله بالصّنع الجميل، وحقّق لك وفيك وبك غاية المأمول.
هذا آخر الحديث، وختمته بالرّسالتين، ويتقرّر جميع ما جرى ودار على وجهه، إلّا ما لممت به شعثا، وزيّنت به لفظا، وزيّدت منقوصا، ولم أظلم معنى بالتّحريف، ولا ملت فيه إلى التّحوير، وأرجو أن يبيضّ وجهي عندك بالرّضا عنّي، فقد كاد وعدك في عنايتك يأتي عليّ، وأنا أسأل الله أن يحفظ عنايتك عليّ، كسابق اهتمامك بأمري، حتّى أملك بهما ما وعدتنيه من تكرمة هذا الوزير الذي قد أشبع كلّ جائع، وكسا كلّ عار، وتألّف كلّ شارد، وأحسن إلى كلّ مسيء، ونوّه بكلّ خامل، ونفّق كلّ هزيل، وأعزّ كلّ ذليل، ولم يبق في هذه الجماعة على فقره وبؤسه، ومرّه ويأسه، غيري، مع خدمتي السالفة والآنفة، وبذلي كلّ مجهود، ونسخي كلّ عويص، وقيامي بكلّ صعب، والأمور مقدّرة، والحظوظ أقسام، والكدح لا يأتي بغير ما في اللّوح.
فصل خلّصني أيها الرّجل من التّكفّف، أنقذني من لبس الفقر، أطلقني من قيد الضرّ، اشترني بالإحسان، اعتبدني بالشّكر، استعمل لساني بفنون المدح، اكفني مؤونة الغداء والعشاء.
إلى متى الكسيرة اليابسة، والبقيلة الذّاوية، والقميص المرقّع، وباقليّ درب الحاجب، وسذاب درب الرّوّاسين؟
إلى متى التأدّم بالخبز والزّيتون؟ قد والله بحّ الحلق، وتغيّر الخلق، الله الله في أمري، اجبرني فإنني مكسور، اسقني فإنني صد، أغثني فإنني ملهوف، شهّرني فإنني غفل، خلّني فإنني عاطل.
قد أذلّني السّفر من بلد إلى بلد، وخذلني الوقوف على باب باب، ونكرني العارف بي، وتباعد عني القريب منّي.