للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الليلة الثامنة عشرة]

وقال مرّة: تعال حتّى نجعل ليلتنا هذه مجونيّة، ونأخذ من الهزل بنصيب وافر، فإنّ الجدّ قد كدّنا، ونال من قوانا، وملأنا قبضا وكربا هات ما عندك.

قلت: قال حسنون المجنون بالكوفة يوما- وقد اجتمع إليه المجّان يصف كلّ واحد منهم لذّات الدّنيا- فقال: أمّا أنا فأصف ما جرّبته، فقالوا: هات، فقال: الأمن والعافية، وصفع الصّلع الزّرق، وحكّ الجرب، وأكل الرّمان في الصيف، والطّلاء في كلّ شهرين، وإتيان النّساء الرّعن والصبيان الزّعر «١» ، والمشي بلا سراويل بين يدي من لا تحتشمه، والعربدة على الثقيل، وقلّة خلاف من تحبّه والتّمرّس بالحمقى ومؤاخاة ذوي الوفاء، وترك معاشرة السّفلة وقال الشاعر:

أصبحت من سفل الأنام ... إذ بعت عرضي بالطّعام

أصبحت صفعانا لئى ... م النّفس من قوم لئام

في است امّ ربّات الخيام ... ومن يحنّ إلى الخيام

نفسي تحنّ إلى الهلا ... م الموت من دون الهلام

من لحم جدي راضع ... رخص المفاصل والعظام

هذا لأولاد الخطا ... يا والبغايا والحرام

حيّ القدور الرّاسيا ... ت وإن صممن عن الكلام

وقصاعهنّ إذا أتى ... نك طافحات بالسنام

لهفي على سكباجة ... تشفي القلوب من السّقام

يا عاذلي أسرفت في ... عذل الخليع المستهام

رجل يعضّ إذا نصح ... ت له على فأس اللّجام

دع عذل من يعصي العذو ... ل ولا يصيخ إلى الملام

خلع العذار وراح في ... ثوب المعاصي والأثام

شيخ يصلّي قاعدا ... وينيك عشرا من قيام

<<  <   >  >>