كان محمّد بن الحسن الجرجانيّ متقعّرا في كلامه، فدخل الحمّام يوما، فقال للقيّم: أين الجليدة التي تسلخ بها الضّويطة من الإخفيق «١» ؟ قال: فصفع القيّم قفاه بجلدة النّورة وخرج هاربا، فلما خرج من الحمّام وجّه إلى صاحب الشّرطة، فأخذ القيّم وحبسه، فلما كان عشاء ذلك اليوم كتب إليه القيّم رقعة يقول فيها: قد أبرمني المحبوسون بالمسألة عن السّبب الذي حبست له، فإمّا خلّيتني وإما عرّفتهم. فوجّه من أطلقه، واتصل الخبر بالفتح، فحدّث المتوكّل، فقال: ينبغي أن يغنى هذا القيّم عن الخدمة في الحمّام. وأمر له بمائتي دينار.
قال: وكان بالبصرة مخنّث يجمع ويعشق بعض المهالبة، فلم يزل المخنّث به حتى أوقعه، قال: فلقيته من غد فقلت له: كيف وقعة الجفرة «٢» عندكم البارحة؟
فقال: لمّا تدانت الأشخاص، ورقّ الكلام، والتفّت الساق بالساق، ولطّخ باطنها بالبزاق، وقرع البيض بالذّكور، وجعلت الرّماح تمور «٣» ، صبر الكريم فلم يجزع، وسلّم طائعا فلم يخدع، ثم انصرف القوم على سلم، بأفضل غنم، وشفيت الصدور، وسكنت حرارة النفوس، ومات كلّ وجد، وأصيب مقتل كلّ هجر، واتّصل الحبل، وانعقد الوصل. قال: فلو كان أعدّ هذا الكلام لمسألتي قبل ذلك بدهر لكان قد أجاد.
وقال أبو فرعون الشاشيّ:
أنا أبو فرعون فاعرف كنيتي ... حلّ أبو عمرة وسط حجرتي