فدخلوا كهفا، فوقع حجر عظيم على باب الكهف، وبقوا في الظلمة وقالوا: لا ينجينا إلا ما عملناه في الرخاء. فقال أحدهم: إني كنت راعيا فأرحت وحلبت، وكان لي أبوان وأولاد وامرأة فسقيت أوّلا الوالدين ثم الأولاد، فجئت يوما فوجدت أبويّ قد ناما فلم أوقظهما لحرمتهما ولم أسق الأولاد وبقيت قائما إلى الصبح، فإن كنت يا ربّ قبلت هذا منّي فاجعل لنا فرجا. فتحرّك الحجر ودخل عليهم الضّوء.
وقال الثاني: إني كنت صاحب ضياع، فجاءني رجل بعد ما متع النهار، وكان لي أجراء يحصدون الزرع، فاستأجرته، فلما تمّ عملهم أعطيتهم أجورهم، فلما بلغت إلى ذلك الرجل أعطيته وافيا كما أعطيت غيره، فغضبوا وقالوا: تعطيه مثل ما أعطيتنا.
فأخذت تلك الأجرة واشتريت بها عجّولا ونمى حتى كثر البقر، فجاء صاحب الأجر يطلب فقلت: هذه البقر كلّها لك، فسلّمتها إليه، فإن كنت يا ربّ قبلت منّي هذا الوفاء ففرّج عنا. فتحرّك الحجر ودخل منه ضوء كثير.
وقال الثالث: كانت لي بنت عمّ فراودتها، فأبت، حتى أعطيتها مائة دينار فلما أردت ما أردت اضطربت وارتعدت. فقلت لها: ما لك؟ فقالت: إني أخاف الله.
فتركتها ورجعت عنها، إلهي فإن كنت قبلت ذلك منّي ففرّج عنّا. فتحرّك الحجر وسقط عن باب الكهف وخرجوا منه يمشون.
وقال حاتم: لو أدخلت السوق شياه كثيرة لما اشترى أحد المهزول، بل يقصد السّمين للذّبح.
وقال يحيى بن معاذ: في القلب عيون يهيج منها الخير والشّرّ.
وقال بعض الصالحين في دعائه: اللهم إنّ أحدنا لا يشاء حتى تشاء، فاجعل مشيئتك لي أن تشاء ما يقرّبني إليك، اللهم إنك قدّرت حركات العبد، فلا يتحرك شيء إلّا بإذنك، فاجعل حركاتي في هواك.
وقال قاسم بن محمّد: لأن يعيش الرّجل جاهلا خير له من أن يقول ما لا يعلم.
وقال الشعبي: لم يكن مجلس أحبّ إليّ من هذا المجلس، ولأن أبعد اليوم عن بساطه أحبّ إليّ من أن أحبس فيه.
وقال حاتم: إذا رأيت من أخيك عيبا فإن كتمته عليه فقد خنته، وإن قلته لغيره فقد اغتبته، وإن واجهته به فقد أوحشته، قيل له: كيف أصنع؟ قال: تكني عنه، وتعرّض به، وتجعله في جملة الحديث.
وقال: إذا رأيت من أخيك زلّة فاطلب لها سبعين وجها من العلل، فإن لم تجد فلم نفسك.