يوصف بها كلّ شيء، وليس لضدّها اسم مشهور، لذلك يقال: قليل البركة.
وأما الفأل ففسّر بأنّه جريان الذّكر الجميل على اللّسان معزولا عن القصد، إمّا من القائل، وإمّا من السامع. وقد سمع النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- لمّا نزل المدينة على أبي أيّوب الأنصاريّ- أبا أيّوب يقول لغلام له: يا سالم يا غانم. فقال لأبي بكر:«سلمت لنا الدّار في غنم إن شاء الله» . وهذا مشهور بين النّاس.
وضدّه الطّيرة والإشعار. ويروى أنّه نهى عن الطّيرة، وكان يحبّ الفأل صلّى الله عليه وسلّم، وليس لهما علل راتبة، ولا أسباب موجبة، ولا أوائل معروفة، ولهذا كره الإفراط في التّطيّر والتّعويل على الفأل، لأنّهما أمران يصحّان ويبطلان، والأقلّ منهما لا يميّز من الأكثر، وللمزاج من الإنسان فيهما أثر غالب، والعادة أيضا تعين، والولوع يزيد، والتحفّظ مما هذا شأنه شديد، ولقد غلب هذا حتى قيل: فلان مدوّر الكعب، وفلان مشئوم، وحتّى تعدّى هذا إلى الدّابة والدار والعبد، وكلّ هذا ظهر في هذه الدار حتّى لا يكون للعبد طمأنينة إلّا بالله، ولا سكون إلّا مع الله، ولا مطلوب إلا من الله، ولهذا- عزّ وجلّ- يطلع الخوف من ثنية الأمن، ويسوق الأمن من ناحية الخوف، ويبعث النّصر وقد وقع اليأس، ويأتي بالفرج وقد اشتدّ البأس. وأفعال الله تعالى خفيّة المطالع، جليّة المواقع، مطويّة المنافع، لأنّها تسري بين الغيب الإلهي، والعيان الإنسيّ، وكلّ ذلك ليصحّ التوكّل عليه، والتسليم له، واللّياذ به، ويعرّج على كنف ملكه، ويتبوّأ معان خلده، وينال ما عنده بطاعته وعبادته.
فقال الوزير- كبت الله أعداه، وبلّغه مناه-: هذا كلام ليس عليه كلام، أرى النّعاس يخطب إلى عينيّ حاجته، وإذا شئت فاجمع لي فقرا من هذا الضّرب الذي مرّ من حديث الطّيرة والفأل والاتّفاق.