والعرب تقول: أكرموا الإبل إلّا في بيت يبني، أو دم يفدى، أو عزب يتزوّج، أو حمل حمالة.
وقال معاوية لأعرابيّ: ما تجارتك؟ قال: أبيع الإبل، قال: أما علمت أن أفواها حرب، وجلودها جرب، وبعرها حطب، وتأكل الذهب.
وقال خالد بن صفوان: الإبل للبعد، والبغال للثقل، والبراذين للجمال والدّعة، والحمير للحوائج، والخيل للكرّ والفرّ.
وقال آخر:
يقذفن في الأعناق والغلاصم ... قذف الجلاميد بكفّ الراجم
يريد بالأعناق بالحلوق.
وقال آخر:
نغار إذا ما الرّوع أبدى عن البرى ... ونقري عبيط اللّحم والماء جامس
وقال آخر:
تلك المكارم لا ناق مصرّمة ... ترعى الفلاة ولا قعب من اللّبن
وقال أبو الصّلت:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ووصف بعض البلغاء التجار فقال: لا يوجد الأدب إلّا عند الخاصّة والسّلطان ومدبّريه، وأما أصحاب الأسواق فإنّا لا نعدم من أحدهم خلقا دقيقا ودينا رقيقا، وحرصا مسرفا، وأدبا مختلفا، ودناءة معلومة، ومروءة معدومة وإلغاء اللّفيف «١» ، ومجاذبة على الطّفيف، يبلغ أحدهم غاية المدح والذّمّ في علق «٢» واحد في يوم واحد مع رجل واحد، إذا اشتراه منه أو باعه إيّاه، إن بايعك مرابحة وخبّر بالأثمان، قوّى الأيمان على البهتان، وإن قلّدته الوزن أعنت لسان الميزان، ليأخذ برجحان أو يعطي بنقصان، وإن كان لك قبله حقّ لواه محتجّا في ذلك بسنّة السّوفيّين، يرضى لك ما لا يرضى لنفسه، ويأخذ منك بنقد ويعطيك بغيره، ولا يرى أنّ عليه من الحقّ في المبايعة مثل ما له، إن استنصحته غشك، وإن سألته