ولم أنس سعي الجود خلف سريره ... بأكسف بال يستقل ويظلع
وتكبيره خمساً عليه معالناً ... وإن كان تكبير المصلين أربع
وما كنت أدري يعلم الله قبلها ... بأن الندى في أهله يتشيع
وليس في ابتداءات المرائي المولدة مثل قوله:
أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح مغنى الجود بعدك بلقعا
يرثي بها محمد بن حميد، وجعل خاتمها:
فإن أترم عن عمر تدانى به المدى ... فخانك حتى لم تجد عنه منزعا
فما كنت إلا السيف لاقى ضريبة ... فقطعها ثم انثنى فتقطعا
وأبو تمام من المعدودين في إجادة الرثاء، ومثله عبد السلام بن رغبان ديك الجن، وهو أشهر في هذا من حبيب، وله فيه طريق انفرد بها، وذلك أنه قتل جاريته واتهم بها أخاه، ثم قال يرثيها:
يا مهجة جثم الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الردى بيديها
رويت من دمها التراب، وربما ... روى الهوى شفتي من شفتيها
حكمت سيفي في مجال خناقها ... ومدامعي تجري على خديها
فوحق نعليها لما وطئ الحصى ... شيء أعز علي من نعليها
ما كان قتليها لأني لم أكن ... أخشى إذا سقط الغبار عليها
لكن بخلت على الأنام بحسنها ... وأنفت من نظر العيون إليها
وقال أيضاً فيها على بعض الروايات:
أشفقت أن يرد الزمان بغدره ... أو أبتلى بعد الوصال بهجره
فقتلته، وله علي كرامة ... ملء الحشا، وله الفؤاد بأسره
قمر أنا استخرجته من دجنه ... لبليتي وزففته من خدره
عهدي به ميتاً كأحسن نائم ... والحزن ينحر دمعتي في نحره