الذي أعرف " ينحر مقلتي " وهو أصح استعارة.
لو كان يدري الميت ماذا بعده ... بالحي منه بكى له في قبره
غصص تكاد تفيض منها نفسه ... ويكاد يخرج قلبه من صدره
والرواية الأخرى أن المتهم بالجارية غلام كان يهواه قتله أيضاً، فصنع فيه هذه الأبيات، فصنعت فيه أخت الغلام:
يا ويح ديك الجن، بل تباً له ... ماذا تضمن صدره من غدره
قتل الذي يهوى وعمر بعده ... يا رب لا تمدد له في عمره
ويكون الرثاء مجملاً كالمدح المجمل فيقع حسناً لطيفاً: كقول ابن المعتز في المعتضد:
قضوا ما قضوا من أمره ثم قدموا ... إماماً إمام الخير بين يديه
وصلوا عليه خاشعين كأنهم ... صفوف قيام للسلام عليه
وقال في عبيد الله بن سليمان بن وهب:
قد استوى الناس ومات الكمال ... وصاح صرف الدهر: أين الرجال!
هذا أبو العباس في نعشه ... قوموا انظروا كيف تسير الجبال
يا ناصر الملك بآرائه ... بعدك للملك ليال طوال
وذكر غير واحد أن أراتي بيت قيل:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر.
ومن عادة القدماء أن يضربوا الأمثال في المرائي بالملوك الأعزة، والأمم السالفة، والوعول الممتنعة في قلل الجبال، والأسود الخادرة في الغياض، وبحمر الوحش المتصرفة بين القفار، والنسور، والعقبان، والحيات؛ لبأسها وطول أعمارها، وذلك في أشعارهم كثير موجود لا يكاد يخلو منه شعر.