للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم، والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أحفظ كثير شيء من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم، ثم عنيت به بعد" (١).

ثم اعتنى بفقه الشافعي فدون جميع كتبه أثناء إقامته في مصر سنة ٢٢٨ - (٢٢٩) هـ، في رحلته الثانية وسمع جميعها من الربيع (٢) قبل موت البويطي بأربع سنين (٣). يقول أبو زرعة: "وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها فلما رأيت كثرة العلم بها، وكثرة الاستفادة، عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد، وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعهما، فبيعا بستين درهما، واشتريت مائة ورقة كاغد بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي" (٤) حتى إنه برع في فروع المذهب وأصوله، وكان يميز اجتهاد بعض تلاميذ الإمام وتفريعهم على المذهب ومخالفتهم له فقد روى الخليلي بسنده إلى أبي عثمان سعيد بن عمرو البرذعي أنه قال: "لما رجعت إلى مصر وأردت الخروج إلى خراسان أقمت ثانيا عند أبي زرعة الحافظ فعرضت عليه كتاب المزني، فكلما قرأت عليه مما خالف الشافعي جعل أبو زرعة يبتسم


(١) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٢٣٠ - ٢٣١، وتهذيب الكمال للمزي ورقة (٤٤٢ - أ)، وتاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة.
(٢) الربيع هو (دس) ابن سليمان بن داوود الجيزي أبو محمد الأزدي مولاهم المصري صحب الشافعي طويلاً، وأخذ عنه كثيرا وخدمه وكانت الرحلة إليه في كتب الشافعي قال عنه ابن يونس والخطيب ثقة ت ٢٥٦ هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٤٥، والانتقاء ص ١١٢.
(٣) (ل ت) يوسف بن يحيى القرشي أبو يعقوب البويطي المصري الفقيه كان من أهل الدين والعلم والفهم والثقة صلبا في السنة فيرد على أهل البدع، وكان حسن النظر حمل من مصر أيام المحنة بالقرآن إلى العراق فأرادوه على الفتنة فامتنع فسجن إلى أن توفي ببغداد سنة ١٣٣٢ هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٤٢٧ - ٤٢٩، والانتقاء ص ١٠٩ - ١١٠. وانظر: تهذيب التهذيب ج ٣، ص ٢٤٦.
(٤) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٤٠.