للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - الأخذ بالتوهم مع عدم الورع (١).

ولأجل هذا وحفاظاً على أولئك الرجال وعدم التقليل من شأنهم أو النظر إليهم بنظرة التجريح وضع الأئمة الحفاظ ومن بعدهم قواعد وضوابط لقبول كلام الأقران بعضهم في بعض أو الكلام في بعض الأئمة وفيما يلي نماذج من هذه النصوص، أوردها لأهميتها قبل أن أذكر كلام أبي زرعة الرازي في بعض الأئمة الذين جرحهم بسبب قلة الضبط والإتقان، أو الاعتقاد، أو غير ذلك.

قال أحمد بن حنبل: "كل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد حتى يبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه" (٢) قال ابن جرير الطبري: "لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعى به، وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك: للزم ترك أكثر محدثي الأمصار، لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى مايرغب به عنه. ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن (٣)، وقال ابن عبد البر في باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض: "هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك" والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر وأما من لم تثبت إمامته ولا عرفت عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ والإتقان روايته فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخده جمهور من جماهير المسلمين إماماً في الدين قول أحد من الطاعنين" (٤).


(١) انظر: الجرح والتعديل للقاسمي ص ٥.
(٢) انظر: تهذيب التهذيب ج ٧/ ٢٧٣. ولقد نسب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة هذا القول للإمام أحمد. انظر الرفع والتكميل ص ٢٧٣.
(٣) انظر: هدي الساري لابن حجر ص ٤٢٨ ط: السلفية.
(٤) انظر: جامع بيان العلم ج ٢/ ١٨٦ ط ٢ المكتبة السلفية ١٣٨٨ هـ.