للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن دقيق العيد في كتابه (الاقتراح): "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار يوقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام (١) "، وقال العز بن عبد السلام "إذا بلغك أن أحداً من الأئمة شدد النكير على أحد من أقرانه فإنما ذلك خوفاً على أحد أن يفهم من كلامه خلاف مراده لا سيما علم العقائد فإن الكلام في ذلك أشد (٢) وقال الذهبي في مقدمة الميزان: "وكذا لا أذكر في كتابي من الأئمة المتبوعين في الفروع أحداً لجلالتهم في الإسلام وعظمتهم في النفوس مثل أبي حنيفة، والشافعي، والبخاري، فإن ذكرت أحدا منهم، فأذكره على الإنصاف، وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس، إذ إنما يضر الإنسان الكذب، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم يطبع على كل شيء إلا الخيانة والكذب" (٣). ومن كلامه بعد تصنيفه لكتابه الميزان: "وقد كتبت في مصنفي الميزان عدداً كبيراً من الثقات الذين احتج البخاري أو مسلم أو غيرهما بهم. لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح. وما أوردتهم لضعف فيهم عندي، بل ليعرف ذلك … " إلى أن قال: "أو هكذا كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يطوى ولا يروى" (٤) وقال في ترجمة عفان بن مسلم وقد جرحه سليمان بن حرب: " عفان أجل وأحفظ من سليمان أو هو نظيره، وكلام النظير والأقران ينبغي أن يتأمل ويتأنى فيه … " (٥) وقال في ترجمة يحيى بن معين "وإنما ذكرته عبرة ليعلم أن ليس كل كلام وقع في حافظ كبير بمؤثر فيه بوجه ويحيى فقد قفز القنطرة بل قفز من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي رحمه الله" (٦). وقال تاج الدين السبكي: "ينبغي لك أيها المسترشد أن تسلك سبيل الأدب مع الأئمة الماضين. وأن لا تنظر إلى كلام بعضهم في بعض، إلا إذا أتى ببرهان واضح، ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن


(١) انظر: طبقات الشافعية ج ٢/ ١٢، الجرح والتعديل للقاسمي ص ٤.
(٢) انظر: الميزان الكبرى للشعراني ج ١/ ٦٩.
(٣) انظر: ميزان الاعتدال ج ١/ ٢ - ٣.
(٤) انظر: طبقات الشافعية ج ٩/ ١١١ - ١١٢.
(٥) انظر: ميزان الاعتدال ج ٣/ ٨١.
(٦) انظر: ميزان الاعتدال ج ٤/ ٤١٠.