للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدونك، وإلا فاضرب صفحاً عما جرى بينهم، فإنك لم تخلق لهذا، فاشتغل بما يعنيك ودع ما لا يعنيك، ولا يزال طالب العلم نبيلاً حتى يخوض فيما جرى بين الماضين، وإياك ثم إياك أن تصغي إلى ما اتفق (١) بين أبي حنيفة وسفيان الثوري أو بين مالك وابن أبي ذئب، أو بين أحمد بن صالح والنسائي أو بين أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي، وهلم جرا إلى زمان العز بن عبد السلام والتقي ابن الصلاح فإنك إذا اشتغلت بذلك خفت عليك الهلاك، فالقوم أئمة أعلام، ولأقوالهم محامل وربما لم يفهم بعضها، فليس لنا إلا الترضي عنهم والسكوت عما جرى بينهم كما يفعل وفيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم" (٢).

"وكان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: "هذا جاز القنطرة" يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه، قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره: وهكذا نعتقد وبه نقول ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهرة وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما" (٣) وقال ابن حجر في دفاعه عن رجال صحيح البخاري الذين طعن فيهم: "ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتضى لعدالته عنده وصحة ضبطه، وعدم غفلته ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من أطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين" (٤).

فتنة خلق القرآن:

قبل الشروع بالدفاع عن الأئمة الذين ترك أبو زرعة الرواية عنهم بسبب إجابتهم في محنة خلق القرآن حينما امتحنوا لابد من الكلام والبيان ولو بإيجاز


(١) انظر: طبقات الشافعية ج ٢/ ٢٧٨.
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: هدي الساري ص ٣٨٤ ط السلفية وانظر: كلام المقدسي في: البدر المنير لابن الملقن ورقة (٩ - ب-).
(٤) انظر: هدي الساري ص ٣٨٤.