للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء السبعة. ففعل ذلك فأجابه طائفة وامتنع آخرون فكان يحيى بن معين وغيره يقولون: أجبنا خوفا من السيف. ثم كتب المأمون كتابا آخر من جنس الأولى إلى إسحاق، وأمره باحضار من امتنع فأحضر جماعة منهم أحمد بن حنبل وبشر بن الوليد الكندي، وأبو حسان الزيادي القطعي، والتمار، والقواريري وسجادة، وعلي بن الجعد وغيرهم وعرض عليهم كتاب المأمون فعرضوا وواروا، ولم يجيبوا ولم ينكروا ثم وجه بجواباتهم إلى المأمون، فورد عليه كتاب المأمون وقد تضمن الرد على كل واحد من هؤلاء بأسمائهم وأمره بامتحانهم وورد فيه "ومن لم يرجع عن شركه ممن سميت بعد بشر وابن المهدي، فأحملهم موثوقين إلى عسكر أمير المؤمنين، وليسألهم، فإن لم يرجعوا حملهم على السيف" فأجابوا كلهم عند ذلك إلا أحمد بن حنبل، وسجادة، ومحمد بن نوح، والقواريري فأمر بهم إسحاق فقيدوا، ثم سألهم من الغد، وهم في القيود، فأجاب سجادة ثم عاودهم ثالثا، فأجاب القواريري ووجه بأحمد بن حنبل ومحمد بن نوح المضروب إلى طرسوس ثم بلغ المأمون إنهم إنما أجابوا مكرهين، فغضب وأمر بإحضارهم إليه، فلما صاروا إلى الرقة بلغتهم وفاة المأمون. وكان المأمون قد كتب وصية تطول حكايتها، ضمنها تحريض الخليفة بعده على حمل الخلق على القول بخلق القرآن وهكذا استمرت الفتنة وملأت نارها كل مكان ولم يصبر ويصمد فيها إلا من رحم الله، قال أبو العباس سعيد المروذي "لم يصبر في المحنة إلا أربعة كلهم من مرو: أحمد ابن حنبل، وأحمد بن نصر، ومحمد بن نوح، ونعيم بن حماد" (١).

وقال أبو الحسين بن المنادي: "وممن لم يجب أبو نعيم الفضل بن دكين وعفان، والبويطي وإسماعيل بن أبي أويس وأبو مصعب المدنيان، ويحيى الحماني" (٢).

قال ابن الجوزي: "وعموم هؤلاء الذين لم يجيبوا أهمل منهم قوم، وحبس منهم قوم فلم يلتفت إليهم، وإنما كان المقصود أحمد بن حنبل لجلالة قدره وعظم موقعه" (٣).

قال أحمد بن حنبل: "وما رأيت أحدا على حداثة سنه،


(١) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٣٩٣.
(٢) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٣٩٤.
(٣) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٤٠١.