للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلة علمه، أقوم بأمر الله من محمد بن نوح وإني لأرجو أن يكون الله قد ختم له بخير، قال لي ذات يوم وأنا معه خلوين: يا أبا عبد الله، إنك لست مثلي، أنت رجل يقتدى بك، وقد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله … " (١). وقال أبو جعفر الأنباري: ولما حمل أحمد بن حنبل إلى المأمون أخبرت فعبرت الفرات فإذا هو جالس في الخان فسلمت عليه فقال يا أبا جعفر تعنيت. فقلت: ليس هذا عناء، وقلت له: يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فوالله لأن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق من خلق الله، وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فأنت تموت ولا بد من الموت، فاتق الله ولا تجبهم إلى شيء فجعل أحمد يبكي ويقول: ماشاء الله ماشاء الله، ثم قال لي أحمد: يا أبا جعفر أعد عليّ ما قلت. فأعدت عليه، فجعل يقول: ما شاء الله، ما شاء الله" (٢) وقال أحمد بن حنبل "ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر الذي وقعت فيه أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق، قال لي: يا أحمد أن يقتلك الحق مت شهيداً، وإن عشت عشت حميداً، قال فقوي قلبي" (٣) قال ابن أبي حاتم قال أبي: "فكان كما قال لقد رفع الله عز وجل شأن أحمد بن حنبل بعد ما امتحن وعظم عند الناس وارتفع أمره جدا" (٤) وهكذا كان موقف المجتمع المسلم على مختلف طبقاته في فتنة خلق القرآن وحتى بعض اللصوص والعيارين أنكروا ما فعله المأمون ومن بعده قال عبد الله بن أحمد: كنت كثيرا أسمع والدي يقول: رحم الله أبا الهيثم، غفر الله لأبي الهيثم، عفا الله عن أبي الهيثم فقلت: يا أبة من أبو الهيثم؟ قال ألا تعرفه؟ قلت: لا، قال: أبو الهيثم الحداد اليوم الذي أخرجت فيه للسياط، ومدت يداي للعقابين، إذا أنا بإنسان يجذب ثوب من ورائي ويقول لي: تعرفني؟ قلت لا قال أنا أبو الهيثم العيار، اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ضربت ثمانية عشر ألف سوط


(١) انظر مناقب الإمام أحمد ص ٣١٥، وطبقات الشافعية ج ٢/ ٤٤.
(٢) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٣١٣ - ٣١٤.
(٣) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٣١٢ - ٣١٣.
(٤) انظر: مناقب الإمام أحمد ص ٣١٣.