للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {إِنِّي سَقِيم} ١ وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُم} ٢ وَقَوْلِهِ فِي سَارَةَ: "إِنَّهَا أُخْتُهُ"٣ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مَحْضِ الْكَذِبِ، لِوُقُوعِ الْإِجْمَاعِ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْهُمْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، وَهَكَذَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه} ٤ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَهَكَذَا مَا فَعَلَهُ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ بِأَخِيهِمْ يُوسُفَ٥، وَهَكَذَا يُحْمَلُ مَا وَرَدَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: "كَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يَتُوبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ" ٦ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ مِنْ حَالَةٍ إِلَى أَرْفَعَ مِنْهَا.

وَأَمَّا النِّسْيَانُ فَلَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، قِيلَ إِجْمَاعًا، وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بِشْرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي" ٧ قَالَ قَوْمٌ: وَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ بَلْ يُنَبَّهُونَ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى امْتِنَاعِ النِّسْيَانِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ٨ فِي "الْبَحْرِ": وَأَمَّا الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ فَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى الِامْتِنَاعِ. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى امْتِنَاعِ، السَّهْوِ والنسيان في الأقوال البلاغية، وخص


١ جزء من الآية "٨٩" من سورة الصافات.
٢ جزء من الآية "٦٣" من سورة الأنبياء.
٣ أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} "٣٣٥٨"، مسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل إبراهيم عيه السلام "٢٣٧١". وأبو داود، كتاب الطلاق، باب في الرجل يقول لامرأته "يا أختي" "٢٢١٢". والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنبياء عليهم السلام "٣١٦٦". وأحمد في مسنده "٢/ ٤٠٣". وابن حبان في صحيحه "٥٧٣٧". وقال الترمذي: حسن صحيح.
٤ جزء من الآية "٨٧" من سورة الأنبياء.
٥ وذلك من إلقائهم له في الجب، وبيعهم إياه بثمن بخس، كما ورد في سورة يوسف.
٦ أخرجه مسلم من حديث الأغر المزني، كتاب الذكر، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه "٢٧٠٢". وأبو داود، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار "١٥١٥"، والطبراني في الكبير "١/ ٣٠١ "٨٨٣". والإمام أحمد في المسند "٤/ ٢٦٠". والبغوي "١٢٨٨". وابن حبان في صحيحه "٩٣١".
٧ أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مطولًا في كتاب الصلاة باب التوجه نحو القبلة حيث كان "٤٠١". ومسلم في المساجد باب السهو في الصلاة "٥٧٢". وأبو داود في الصلاة باب: إذا صلى خمسًا "١٠٢٠". والبيهقي في سننه في الصلاة باب سجود السهو في الزيادة في الصلاة بعد التسليم "٢/ ٣٣٥". وأحمد في مسنده "١/ ٣٧٩" وابن ماجه في الإقامة باب ما جاء فيمن شك في صلاته فتحرى الصواب "١٢١٢".
٨ هو محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، أبو عبد الله، بدر الدين، فقيه أصولي شافعي، ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة هجرية، وتوفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة هجرية، من آثاره: "البحر المحيط" "الإجابة لإيراد ما استدركه عائشة على الصحابة"، "لقطة العجلان" وغيرها. ا. هـ. شذرات الذهب "٦/ ٣٣٥" الأعلام "٦/ ٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>