الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَذَهَبَ "الْأَكْثَرُ"* إِلَى جَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، مِنْهُمُ الْقَاضِي.
وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فصَّل بَيْنَ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ، فَأَجَازَهُ لِمَنْ غَابَ عَنْ حَضْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ١، دُونَ من كان في حضرته الشريفة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَنَقَلَهُ إِلْكِيَا عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَمَالَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: إِنَّهُ الْأَقْوَى عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِهِمْ.
قَالَ ابْنُ فُورَكَ: بِشَرْطِ تَقْرِيرِهِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنْ كَانَ اجْتِهَادُ الصَّحَابِيِّ فِي عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأَحْكَامِ، كَإِيجَابِ شَيْءٍ، أَوْ تَحْرِيمِهِ، فَلَا يَجُوزُ، كَمَا وَقَعَ مِنْ أَبِي السَّنَابِلِ٢ مِنَ الْإِفْتَاءِ بِاجْتِهَادِهِ فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ، كَاجْتِهَادِهِمْ فِيمَا يَجْعَلُونَهُ عَلَمًا لِلدُّعَاءِ إِلَى الصَّلَاةِ٣؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِيجَابُ شَرِيعَةٍ تُلْزِمُ.
وَكَاجْتِهَادِ قَوْمٍ بِحَضْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ هُمُ السَّبْعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجنة ووجوههم كالقمر
* في "أ": الأكثرون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute