للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث: في الْعُمُومُ

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّهِ

...

الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي الْعُمُومِ

وَفِيهِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّهِ

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ شُمُولُ أَمْرٍ لِمُتَعَدِّدٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ لَفْظًا أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: عَمَّهُمُ الْخَيْرُ إِذَا شَمَلَهُمْ وَأَحَاطَ بِهِمْ.

وَأَمَّا حَدُّهُ فِي الِاصْطِلَاحِ: فَقَالَ فِي "الْمَحْصُولِ": هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ بِحَسَبِ وَضْعٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِهِ الرِّجَالُ فَإِنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ النَّكِرَاتُ، كَقَوْلِهِمْ رَجُلٌ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الدُّنْيَا، وَلَا يَسْتَغْرِقُهُمْ، وَلَا التثنية، ولا الجميع؛ لأن لفظ رجلان ورجال يَصْلُحُ لِكُلِّ اثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَلَا يُفِيدَانِ الِاسْتِغْرَاقَ، وَلَا أَلْفَاظُ الْعَدَدِ كَقَوْلِنَا: خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِكُلِّ خَمْسَةٍ وَلَا يَسْتَغْرِقُهُ. وَقَوْلُنَا: بِحَسَبِ وَضْعٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَنِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ، وَالَّذِي لَهُ حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ، فَإِنَّ عُمُومَهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَتَنَاوَلَ مَفْهُومَيْهِ مَعًا. انْتَهَى.

وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِّ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ: الْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ.

وَرُدَّ عَلَيْهِ الْمُشْتَرَكُ إِذَا اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَفْرَادِ مَعْنًى وَاحِدٍ، وَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَنْهُ بِزِيَادَةِ قَيْدِ بِوَضْعٍ وَاحِدٍ ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ نَحْوُ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنَ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي يُفِيدُهُ، وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ.

وَدُفِعَ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ فِي "الْمَحْصُولِ".

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ١: هُوَ مساواة بعض ما تناوله لبعض.


١ هو الحسن "أو الحسين" بن قاسم، شيخ الشافعية ببغداد، أول من صنف في الخلاف، من آثاره: "المحرر" "الإفصاح" "العدة"، توفي سنة خمسين وثلاثمائة. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "١٦/ ٦٢"، شذرات الذهب "٣/ ٣"، الأعلام "٢/ ٢١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>