الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ
اعْلَمْ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّخْصِيصُ شَدِيدَ الشَّبَهِ بالنسخ لاشتراكهما في اختصاص الحكم بعض مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، احْتَاجَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ إِلَى بَيَانِ الْفِرَقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّخْصِيصَ تَرْكُ بَعْضِ الْأَعْيَانِ، وَالنَّسْخَ تَرْكُ "بَعْضِ الْأَزْمَانِ"*، كَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّخْصِيصَ يَتَنَاوَلُ الْأَزْمَانَ، وَالْأَعْيَانَ، وَالْأَحْوَالَ بِخِلَافِ النَّسْخِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا الْأَزْمَانَ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ الْأَعْيَانَ وَالْأَزْمَانَ لَيْسَا مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالنَّسْخُ يَرِدُ عَلَى الْفِعْلِ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ، وَالتَّخْصِيصُ يَرِدُ عَلَى الْفِعْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فَرْقٌ مُسْتَقِلٌّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يكون هو الوجه الثالث.
* في "أ": ترك الأعيان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute