للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنُ: الِاسْتِفْسَارُ

وَقَدْ قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى الِاعْتِرَاضَاتِ، وَمَعْنَاهُ: طَلَبُ شَرْحِ مَعْنَى اللَّفْظِ إِنْ كَانَ غَرِيبًا، أَوْ مُجْمَلًا، وَيَقَعُ بِهَلْ، أَوِ الْهَمْزَةِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، مِمَّا يُطْلَبُ بِهِ شَرْحُ الْمَاهِيَّةِ، وَهُوَ سُؤَالٌ مَقْبُولٌ مُعَوَّلٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَحَقِّقًا، لَمْ يَظْهَرْ وِفَاقٌ وَلَا خِلَافٌ.

وَقَدْ يَرْجِعُ الْمُخَالِفُ إِلَى الْمُوَافَقَةِ "عَنْ* أن يتضح له محل النزاع، ولكن لَا يَقْبَلُ إِلَّا بَعْدَ بَيَانِ اشْتِمَالِ اللَّفْظِ عَلَى إِجْمَالٍ، أَوْ غَرَابَةٍ، فَيَقُولَ الْمُعْتَرِضُ.

أَوَّلًا: اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ مُجْمَلٌ، أَوْ غَرِيبٌ بِدَلِيلِ كَذَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ التَّفْسِيرُ.

وَحَكَى الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْجَدَلِيِّينَ أَنْكَرَ كَوْنَهُ اعْتِرَاضًا؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ فَرْعُ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ١.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ: إِنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لِلِاعْتِرَاضَاتِ قَدْ جَعَلُوهُ طَلِيعَةَ جَيْشِهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا؛ إِذِ الِاعْتِرَاضُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُخْدَشُ بِهِ كَلَامُ الْمُسْتَدِلِّ، وَالِاسْتِفْسَارُ ليس من هذا القبيل.


* في "أ": عند.

<<  <  ج: ص:  >  >>