للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشروط الواجب توفرها في المجتهد]

إذا عَرَفْتَ هَذَا، فَالْمُجْتَهِدُ: هُوَ الْفَقِيهُ الْمُسْتَفْرِغُ لِوُسْعِهِ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يكون بالغا عاقلا، قد ثبت لَهُ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ مِنْ مَآخِذِهَا، وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ.

الْأَوَّلُ:

أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ قَصَّرَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بجميع الكتاب والسنة، بل ما يَتَعَلَّقُ مِنْهُمَا بِالْأَحْكَامِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالَّذِي فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ، وَدَعْوَى الِانْحِصَارِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ إنما هو بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ أَضْعَافُ أَضْعَافِ ذَلِكَ، بَلْ مَنْ لَهُ فَهْمٌ صَحِيحٌ، وَتَدَبُّرٌ كَامِلٌ، يَسْتَخْرِجُ الْأَحْكَامَ مِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ لِمُجَرَّدِ الْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ.

قِيلَ: وَلَعَلَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى الْأَحْكَامِ دَلَالَةً أَوَّلِيَّةً بِالذَّاتِ، لَا بِطْرِيقِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ.

وَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اقْتِصَارَ الْمُقْتَصِرِينَ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ إِنَّمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>