وَقَدْ زَادَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ فِي هَذَا الْحَدِّ لَفْظَ الْفَقِيهِ فَقَالَ: بَذْلُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ بَذْلَ غَيْرِ الْفَقِيهِ وُسْعَهُ لَا يُسَمَّى اجْتِهَادًا اصْطِلَاحًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَزَادَ قَيْدَ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي الْقَطْعِيَّاتِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ طَلَبُ الصَّوَابِ بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ السمعاني: وهو أَلْيَقُ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: الِاجْتِهَادُ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ معانٍ:
أَحَدُهَا:
الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ، لِجَوَازِ وُجُودِهَا خَالِيَةً عَنْهُ، لَمْ يُوجِبْ ذلك العلم بالمطلوب، فلذلك كَانَ طَرِيقَةَ الِاجْتِهَادِ.
وَالثَّانِي:
مَا يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، كَالِاجْتِهَادِ فِي الْوَقْتِ، والقبلة، والتقويم.
والثالث:
الاستدلال بالأصول.
وقال الْآمِدِيُّ: هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ: اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي طَلَبِ الظَّنِّ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، عَلَى وَجْهٍ يُحِسُّ مِنَ النَّفْسِ الْعَجْزَ عَنِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا الْقَيْدِ خَرَجَ اجْتِهَادُ الْمُقَصِّرِ، فَإِنَّهُ لا يعد في الاصطلاح اجتهادا معتبرا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute