الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: التَّخْصِيصُ بِالْبَدَلِ
أَعْنِي: بَدَلَ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ، نَحْوَ: أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ، وَأَكْرِمِ الْقَوْمَ عُلَمَاءَهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} ١؛ وَقَدْ جَعَلَهُ مِنَ الْمُخَصِّصَاتِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ مِنْهُمُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشُرَّاحُ "كِتَابِهِ".
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَلَا تَحَقُّقَ فِيهِ لِمَحَلٍّ يَخْرُجُ مِنْهُ، فَلَا تَخْصِيصَ بِهِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَالزَّمَخْشَرِيِّ، أَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِ بَدَلِ الْغَلَطِ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمُهْدَرِ، بَلْ هُوَ لِلتَّمْهِيدِ وَالتَّوْطِئَةِ، وَلِيُفَادَ بِمَجْمُوعِهَا فَضْلُ تَأْكِيدٍ وَتَبْيِينٍ لَا يَكُونُ "إِلَّا"* فِي الْأَفْرَادِ.
قَالَ السِّيرَافِيُّ: زَعَمَ النَّحْوِيُّونَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ تَنْحِيَةِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ، وَلَا يُرِيدُونَ إِلْغَاءَهُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ: أَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ تَبْيِينُهُ الْأَوَّلَ كَتَبْيِينِ النَّعْتِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَمَامِ الْمَنْعُوتِ، وَهُوَ مَعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ. انْتَهَى.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، مِنْ بَقَاءِ الْأَكْثَرِ عِنْدَ مَنِ اعْتَبَرَ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْأَكْثَرِ وِفَاقًا نَحْوَ: أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ أَوْ نِصْفَهُ، أَوْ ثُلُثَيْهِ.
وَيَلْحَقُ بِبَدَلِ الْبَعْضِ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بَيَانٌ وَتَخْصِيصٌ.
* ما بين قوسين ساقط من "أ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute