للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: دَلَالَةُ الْإِلْهَامِ

ذَكَرَهَا بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، فِي "بَابِ"* الْقَضَاءِ فِي حُجِّيَّةِ الْإِلْهَامِ خِلَافًا وَفَرْعًا عَلَيْهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ هَلْ يَجُوزُ انْعِقَادُهُ لَا عَنْ دَلِيلٍ "فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ جَعْلُهُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا جَوَّزْنَا الِانْعِقَادَ لَا عَنْ دَلِيلٍ"**، وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": وَقَدِ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ اعتماد الإلهام، منهم فِي "تَفْسِيرِهِ" فِي أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ، وَابْنُ الصَّلَاحِ فِي "فَتَاوِيهِ"١، فَقَالَ: إِلْهَامُ خَاطِرِ الْحَقِّ مِنَ الْحَقِّ. قَالَ: وَمِنْ عَلَامَتِهِ أَنْ يَنْشَرِحَ لَهُ الصَّدْرُ، وَلَا يُعَارِضَهُ مُعَارِضٌ "مِنْ خَاطِرٍ آخَرَ"***.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ فِي كِتَابِ "التَّذْكِرَةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ"٢: ذَهَبَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمَعَارِفَ تَقَعُ اضْطِرَارًا لِلْعِبَادِ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْهَامِ، بِحُكْمِ وَعْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بِشَرْطِ التَّقْوَى، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} ٣ أَيْ: مَا تُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ٤ أَيْ: عَنْ كُلِّ مَا يَلْتَبِسُ عَلَى غَيْرِهِ وَجْهُ الْحُكْمِ فِيهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} ٥.

فَهَذِهِ الْعُلُومُ الدِّينِيَّةُ تَحْصُلُ لِلْعِبَادِ إِذَا زَكَتْ أَنْفُسُهُمْ، وَسَلَّمَتْ قُلُوبُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، بِتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ وامتثال المأمورات؛ "إذ"**** وخبره صِدْقٌ وَوَعْدُهُ حَقٌّ.

وَاحْتَجَّ شِهَابُ الدِّينِ السَّهْرَوَرْدِيُّ٦ على الإلهام بقوله تعالى:


* في "أ": كتاب.
** ما بين القوسين ساقط من "أ".
*** ما بين القوسين ساقط من "أ".
**** في "أ": وخبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>