للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} ١ وبقوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ٢ فَهَذَا الْوَحْيُ هُوَ مُجَرَّدُ الْإِلْهَامِ.

ثُمَّ إِنَّ مِنَ "الْإِلْهَامِ"* عُلُومًا تَحْدُثُ فِي النُّفُوسِ الزكية المطمئنة، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"إن من أمتي المحدثين والمكلمين *، وَإِنَّ عُمَرَ لَمِنْهُمْ" ٣ وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} ٤ فَأَخْبَرَ أَنَّ النُّفُوسَ مُلْهَمَةٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ٥ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: أَيْ: مُلْهَمُونَ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ "نِهَايَةِ الْغَرِيبِ"٦: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ تَفْسِيرُهُ أَنَّهُمُ الْمُلْهَمُونَ، وَالْمُلْهَمُ: هُوَ الَّذِي يُلْقَى فِي نَفْسِهِ الشَّيْءُ، فَيُخْبِرُ بِهِ حَدْسًا وَفِرَاسَةً، وَهُوَ نَوْعٌ يَخُصُّ بِهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، كَأَنَّهُمْ حُدِّثُوا بِشَيْءٍ فقالوه.

وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ" ٧ فَذَلِكَ في الواقعة التي تتعارض فيها الأدلة.


* في "أ": الوحي.
** في "أ": لمحدثين ومتكلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>