للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الحادية عشرة: نسخ القول والفعل من السنة]

ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْفِعْلَ مِنَ السُّنَّةِ يَنْسَخُ الْقَوْلَ، كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ يَنْسَخُ الْفِعْلَ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْقَوْلَ لَا يُنْسَخُ إِلَّا بِالْقَوْلِ، وَأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْسَخُ إِلَّا بِالْفِعْلِ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ، فَالْكُلُّ سُنَّةٌ وَشَرْعٌ.

وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَا غَيْرُهُ، وَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْعًا ثَابِتًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مِنْ نَسْخِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ كَثِيرًا.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّارِقِ: "فَإِنْ عَادَ فِي الْخَامِسَةِ فَاقْتُلُوهُ" ١ ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ سَارِقٌ فِي الْخَامِسَةِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ٢. فَكَانَ هَذَا التَّرْكُ نَاسِخًا لِلْقَوْلِ.


١ أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الحدود، ٤/ ٣٨٢ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: بل منكر. وقال التهاونوي في إعلاء السنن: وسند المستدرك صحيح على قاعدة الحافظ السيوطي ١١/ ٧١٥ كتاب السرقة، باب إذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى. وأخرج بنحوه البيهقي في سننه في السرقة، باب السارق يعود فيسرق ثانيا وثالثا ورابعا ٨/ ٢٧٢.
٢ ومثال ذلك ما أخرجه البيهقي في سننه في السرقة باب السارق يعود فيسرق ثانيا وثالثا ورابعا من حديث الحارث بن أبي ربيعة "قال أتي بالسارق فقال: يا رسول الله هذا غلام الأيتام من الأنصار والله لا نعلم لهم مالا غيره، فتركه ثم أتي به الثانية فتركه، ثم أتي الثالثة فتركه، ثم أتي الرابعة فتركه، ثم أتي به الخامسة فقطع يده، ثم أتي به السادسة فقطع رجله، ثم أتي به السابعة فقطع يده، ثم أتي به الثامنة فقطع رجله ٨/ ٢٧٣.
وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد من حديث عصمة في الحدود والديات باب ما جاء في السرقة وما لا قطع فيه ٦/ ٢٧٥ برقم ١٠٦٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>