بِهَذَا أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا رُجْحَانَ فِي فِعْلِهِ، فَكَانَ مُبَاحًا وَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عِنْدَهُ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ إِلَى مَا لَيْسَ بِمُتَيَقَّنٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَمَا عَرَفْتَ هُوَ كَوْنُ ذَلِكَ الْفِعْلِ قَدْ ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ وَظُهُورُهَا يُنَافِي مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِظُهُورِهَا مَعْنًى يُعْتَدُّ بِهِ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ:
الْوَقْفُ، قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": وَهُوَ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ١ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ انْتَهَى. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنِ الدَّقَاقِ٢، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ٣. وَحَكَاهُ فِي "اللُّمُعِ" عَنِ الصَّيْرَفِيِّ وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلْوَقْفِ فِي الْفِعْلِ الَّذِي قَدْ ظَهَرَ فِيهِ قُصْدُ الْقُرْبَةِ، فَإِنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ يُخْرِجُهُ عَنِ الْإِبَاحَةِ إِلَى مَا فَوْقَهَا، وَالْمُتَيَقَّنُ مِمَّا هُوَ فَوْقَهَا النَّدْبُ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ، بَلْ كَانَ مُجَرَّدًا مُطْلَقًا فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا عَلَى أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، قَالَ الْجُوَيْنِيُّ "وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَهُوَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ٤ عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ"* وَابْنِ خَيْرَانَ، وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَيِّ، وَأَكْثَرِ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ.
* ما بين قوسين ساقط من "أ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute