للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُمَّتَهُ، أَوْ يَخُصُّهُ، أَوْ يَخُصُّ أُمَّتَهُ، حَصَلَ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ قِسْمًا، نَضْرِبُهَا فِي أَقْسَامِ الْفِعْلِ الْأَرْبَعَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي، أَوْ عَدَمِهِمَا أَوْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَيَحْصُلُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ قِسْمًا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْأَقْسَامَ تَنْتَهِي إِلَى سِتِّينَ قِسْمًا وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي السُّنَّةِ فَلْنَتَكَلَّمْ هَاهُنَا عَلَى مَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ فِيهَا وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِسْمًا:

الْأَوَّلُ:

أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ مُخْتَصًّا بِهِ، مَعَ عَدَمِ وُجُودِ دَلِيلٍ عَلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي، وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَفْعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلًا ثم يقول بعد: لَا يَجُوزُ لِي مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي هذا الوقت لا تعلق به بِالْفِعْلِ فِي الْمَاضِي، إِذِ الْحُكْمُ يَخْتَصُّ بِمَا بعده ولا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إِذْ لَا حُكْمَ لِلْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَمُ التَّكْرَارِ لَهُ.

الْقِسْمُ الثَّانِي:

أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لَا يَجُوزُ لِي الْفِعْلُ فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُهُ فِيهِ، فَيَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا لِحُكْمِ الْقَوْلِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ:

أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ، وَيُجْهَلُ التَّارِيخُ فَلَا تَعَارُضَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ وَأَمَّا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ خِلَافٌ وَقَدْ رُجِّحَ الْوَقْفُ.

الْقِسْمُ الرَّابِعُ:

أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ مُخْتَصًّا بِالْأُمَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

الْقِسْمُ الْخَامِسُ:

أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ عَامًّا لَهُ وَلِلْأُمَّةِ، فَيَكُونُ الْفِعْلُ عَلَى تَقْدِيرِ تَأَخُّرِهِ مُخَصَّصًا لَهُ مِنْ عُمُومِ الْقَوْلِ، وَذَلِكَ كَنَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ١ ثُمَّ صَلَاتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا قَضَاءً لِسُنَّةِ الظُّهْرِ٢، وَمُدَاوَمَتِهِ عَلَيْهِمَا٣ وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِصَاصِ الْفِعْلِ به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذهب الجمهور، قالوا:


١ أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد، كتاب مواقيت الصلاة، باب لا يتحر الصلاة قبل غروب الشمس "٥٨٦"، مسلم، كتاب صلاة المسافر، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها "٨٢٧". النسائي، كتاب المواقيت، باب النهي عن الصلاة بعد العصر "٥٦٦" "١/ ٢٧٨". والإمام أحمد "٣/ ٩٥". والنسائي في السنن الكبرى "٣٩٠". وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد الفجر. وبعد العصر "١٢٤٩".
٢ أخرج أحمد في مسنده من حديث أم سلمة قالت: لما شغل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الركعتين بعد الظهر صلاهما بعد العصر "٦/ ٣٠٦". وابن حبان في صحيحه برقم "١٥٧٤". الطبراني في المعجم برقم "٥٨٤"، "٢٣/ ٢٧٣" وعبد الرزاق في مصنفه في كتاب الصلاة، باب الساعة التي يكره فيها الصلاة. برقم "٣٩٧٠".
والنسائي "١/ ٢٨٢" من كتاب المواقيت، باب الرخصة في الصلاة بعد العصر برقم "٥٧٨". والبيهقي في السنن، كتاب الصلاة، باب ذكر البيان أن هذا النهي مخصوص ببعض الصلاة دون البعض وأنه يجوز في هذه الساعات كل صلاة لها سبب "٢/ ٤٥٧".
٣ أخرج البخاري "عن الأسود ومسروق قالا: نشهد على عائشة أنها قالت: ما من يوم كان يأتي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا صلى بعد العصر ركعتين"، كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها برهم "٥٩٣"، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي ينهى عن الصلاة فيها "٨٣٥"، والنسائي، كتاب المواقيت، باب الرخصة في الصلاة بعد العصر "٥٧٣" "١/ ٢٨١"، وابن حبان في صحيحه برقم "١٥٧٠" أحمد في مسنده "٦/ ١٣٤"، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد العصر "١٢٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>