للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا اصْطِلَاحُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

وَأَمَّا جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ فَقَالُوا: الْمُرْسَلُ، قَوْلُ مَنْ لم يلق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ أَوْ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ أَوْ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ.

وَإِطْلَاقُ الْمُرْسَلِ على هذا وإن كان اصطلاحا، ً وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُوَ الْمُرْسَلُ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى ضَعْفِهِ، وَعَدَمِ قِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ التَّابِعِيُّ سَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّ الْوَاسِطَةَ صَحَابِيٌّ لَا غَيْرَ حَتَّى يُقَالَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّحَابَةَ عُدُولٌ فَلَا يَضُرُّ حَذْفُ الصَّحَابِيِّ، وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُدَّعٍ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ صُحْبَةً وَلَمْ تَصِحَّ صُحْبَتُهُ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ إِلَى قَبُولِهِ وَقِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِقَبُولِ الْمُرْسَلِ: إِنَّهُ أَقْوَى مِنَ الْمُسْنَدِ لِثِقَةِ التَّابِعِيِّ بِصِحَّتِهِ وَلِهَذَا أَرْسَلَهُ وَهَذَا غُلُوٌّ خَارِجٌ عَنِ الْإِنْصَافِ.

وَالْحَقُّ عَدَمُ الْقَبُولِ لِمَا "ذَكَرْنَا"* مِنَ الِاحْتِمَالِ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَفَصَلَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ، فَقَبِلَ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ دُونَ مَنْ عَدَاهُمْ وَلَعَلَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى هَذَا بِحَدِيثِ "خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الذين يلونهم ثم يفشو الكذب" ١، وقيل هذا من قال به بأن يكون "ذلك"** الرَّاوِي مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ "فِي"*** أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْمُرْسَلِ إِذَا كَانَ مُرْسَلُهُ غَيْرَ مُحْتَرِزٍ، يُرْسَلُ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ، قَالَ: وَهَذَا الِاسْمُ وَاقِعٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى حَدِيثِ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ٢ أَوْ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سهل بن حنيف٣، أو


* في "أ": ذكرت.
** ما بين قوسين ساقط من "أ".
*** ما بين قوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>