للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَائِدَةٌ: قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ: أَنَّ أَعْلَى صِيَغِ الْعُمُومِ أَسْمَاءُ الشَّرْطِ، وَالنَّكِرَةُ فِي النَّفْيِ، وَادَّعَيَا الْقَطْعَ بِوَضْعِ ذَلِكَ لِلْعُمُومِ، وَصَرَّحَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ" أَنَّ أَعْلَاهَا أَسْمَاءُ الشَّرْطِ، وَالِاسْتِفْهَامِ ثُمَّ النَّكِرَةُ الْمَنْفِيَّةُ لِدَلَالَتِهَا بِالْقَرِينَةِ لَا بِالْوَضْعِ، وَعَكَسَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ فَقَدَّمَ النَّكِرَةَ الْمَنْفِيَّةَ عَلَى الْكُلِّ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: أَبْيَنُ وجوه العموم، وألفاظ "الْجُمُوعِ"* ثُمَّ اسْمُ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ، وَظَاهِرُهُ أن الإضافة دون ذلك في المرتبة، وَعَكَسَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"١ فَقَالَ: الْإِضَافَةُ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَالنَّكِرَةُ الْمَنْفِيَّةُ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ في سياق النفي والتي بمن أَدَلُّ مِنَ الْمُجَرَّدَةِ عَنْهَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: إِنَّ مَجِيءَ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ مُعَرَّفَةً بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَجِيئِهَا مُضَافَةً.

وَقَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ فِي "التَّلْوِيحِ"٢: أَلْفَاظُ الْعُمُومِ أَرْبَعَةٌ:

أَحَدُهَا: عَامٌّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ كَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

وَالثَّانِي: عَامٌّ بِمَعْنَاهُ لَا بِصِيغَتِهِ كَالرَّهْطِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، قَالَ: وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ.

وَالثَّالِثُ: أَلْفَاظٌ مُبْهَمَةٌ نَحْوَ مَا وَمَنْ، وَهَذَا يَعُمُّ كُلَّ أَحَدٍ.

وَالرَّابِعُ: النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ نَحْوَ لَمْ أَرَ رَجُلًا، وَذَلِكَ يَعُمُّ لِضَرُورَةِ صِحَّةِ الْكَلَامِ، وَتَحْقِيقِ غَرَضِ الْمُتَكَلِّمِ مِنَ الْإِفْهَامِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ بِصِيغَتِهِ.

فَالْعُمُومُ فِيهِ مِنَ الْقَرِينَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا٣ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ مَا يُفِيدُ أن لفظ كل أقوى صيغ العموم.


* في "أ": الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>