وَأَيْضًا قَدْ قِيلَ بِمَنْعِ كَوْنِ الْمُرَادِ مُوسَى وهارون فقط بل هما من فرعون وأما استدلالهم بما عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمْعٌ بَلْ قَالَ جَمَاعَةٌ يَعْنِي أَنَّهُمَا تَنْعَقِدُ بِهِمَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَحَكَاهُ ابْنُ الدَّهَّانِ النَّحْوِيُّ عَنْ جُمْهُورِ النُّحَاةِ وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ فِي شَرْحِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ إِنَّهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَهُوَ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْجَمْعِ وَالسَّبْقُ دَلِيلُ الْحَقِيقَةِ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ مَنْ خَالَفَهُ بِشَيْءٍ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ.
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ واحد هذا حَكَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَأَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ فَارِسٍ فِي فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ صِحَّةَ إِطْلَاقِ الْجَمْعِ وَإِرَادَةِ الْوَاحِدِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} الْمُرَادُ بِالْمُرْسَلِينَ نُوحٌ قَالَ الْقَفَّالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute