الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ، وَكَذَلِكَ "صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ"١ فَلَا يَعُمُّ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ، هَكَذَا قَالَ الْقَاضِي "أَبُو بَكْرٍ"*، وَالْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ. وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَاعِلَ لَمْ يَفْعَلْ كُلَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ فِعْلِهِ فَلَا مَعْنَى لِلْعُمُومِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَكَمَا لَا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَالِ الْفِعْلِ، فَلَا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَشْخَاصِ، بَلْ يَكُونُ خَاصًّا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" ٢، وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّ دَلِيلَ التَّأَسِّي بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٣ وَقَوْلِهِ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوني} ٤ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَائِرُ أُمَّتِهِ مِثْلُهُ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ.
وَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُثْبَتَ لَيْسَ بِعَامٍّ فِي أَقْسَامِهِ، ثُمَّ اخْتَارَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"٥ "وَقَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ"٦ أَنَّهُ يَعُمُّ الْغَرَرَ وَالْجَارَ مُطْلَقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى ذَلِكَ شَيْخُهُ الْإِبْيَارِيُّ، وَالْآمِدِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ بِحِكَايَةٍ لِلْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ، بَلْ حِكَايَةٍ لِصُدُورِ النَّهْيِ مِنْهُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَالْحُكْمِ مِنْهُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الصَّحَابِيِّ يَجِبُ أَنْ
* ما بين قوسين ساقط من "أ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute