للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ.

قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ" مُسْتَدِلًّا لِلْقَائِلِينَ بِعُمُومِ الْمُقْتَضَى: بِأَنَّ إِضْمَارَ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ إِضْمَارِ الْآخَرِ، فَإِمَّا أَنْ لَا يُضْمَرَ حُكْمٌ أَصْلًا وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ تَعْطِيلٌ لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، أَوْ يُضْمَرَ الْكُلُّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

هَكَذَا اسْتَدَلَّ لَهُمْ وَلَمْ يُجِبْ عَنْ ذَلِكَ.

وَأَجَابَ الْآمِدِيُّ عَنْهُ: بِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ إِضْمَارُ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ إِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ قُلْنَا بِإِضْمَارِ حُكْمٍ مُعَيَّنٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِضْمَارُ حُكْمٍ مَا، وَالتَّعْيِينُ إِلَى "الدَّلِيلِ"*؛ ثُمَّ أُورِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِجْمَالُ.

وَأَجَابَ: بِأَنَّ إِضْمَارَ الْكُلِّ يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْثِيرُ مُخَالَفَةِ "الدَّلِيلِ"** وَكُلٌّ مِنْهُمَا، يَعْنِي: الْإِجْمَالَ، وَإِضْمَارُ الْكُلِّ خِلَافُ الْأَصْلِ.

قَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ: وَإِذَا قُلْنَا لَيْسَ بِمُجْمَلٍ فَقِيلَ: يُصْرَفُ إِطْلَاقُهُ فِي كُلِّ عَيْنٍ إِلَى الْمَقْصُودِ وَاللَّائِقِ بِهِ، وَقِيلَ: يُضْمَرُ الْمَوْضِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مستغنٍ عَنِ الدَّلِيلِ، حَكَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ.

قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي "شَرْحِ الْمَحْصُولِ": إِنْ قُلْنَا الْمُقْتَضَى لَهُ عُمُومٌ أُضْمِرَ الْكُلُّ، وَإِنْ قُلْنَا لَا عُمُومَ لَهُ فَهَلْ يُضْمَرُ مَا يُفْهَمُ مِنَ اللَّفْظِ بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ، أَوْ يُضْمَرُ حُكْمٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَتَعْيِينُهُ إِلَى الْمُجْتَهِدِ، وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ، وَالثَّانِي اخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ، وَالثَّالِثُ التَّوَقُّفُ. انْتَهَى.

وَهَذَا الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذَا لَمْ يُفْهَمْ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأُمُورِ الصَّالِحَةِ لِتَقْدِيرِهَا، أَمَّا إِذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِلتَّقْدِيرِ مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تقديره كقوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ١ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُم} ٢ فَإِنَّهُ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى تَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَفِي الثَّانِيَةِ الوطء


* في "أ": الشارح.
** في "أ": الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>