للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا؟ وَقَدْ حَكَى الرُّويَانِيُّ فِي "الْبَحْرِ" عَنْ وَالِدِهِ فِي "كِتَابِ الْوَصِيَّةِ" أَنَّهُ حَكَى اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الْمَخْصُوصُ "بِالذِّكْرِ"* لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَامِّ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ دَاخِلًا تَحْتَهُ لَمْ يَكُنْ لِإِفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": وَعَلَى هَذَا جَرَى أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ جِنِّي، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ١ إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى لَيْسَتِ الْعَصْرَ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ أَيْضًا: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْمَخْصُوصُ بِالذِّكْرِ هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعُمُومِ، وَفَائِدَتُهُ التَّأْكِيدُ، وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ مَرَّةً بِالْعُمُومِ، وَمَرَّةً بِالْخُصُوصِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَقَامَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي "شَرْحِنَا لِلْمُنْتَقَى".

وَإِذَا كَانَ الْمَعْطُوفُ خَاصًّا فَاخْتَلَفُوا: هَلْ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ، وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ يُوجِبُهُ، وَقِيلَ بالوقف.

ومثال هذه المسألة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ" ٢ فَقَالَ الْأَوَّلُونَ: لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، لِقَوْلِهِ: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ"، وَهُوَ عَامٌّ فِي الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ.

وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ بَلْ هُوَ خَاصٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ، بِقَرِينَةِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ" فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ قَالُوا: وَالْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو الْعَهْدِ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَقَطْ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ هُوَ الْحَرْبِيَّ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

قال الأولون: وهذا التقدير ضعيف لوجوه:


* ما بين قوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>