للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِثْنَاءِ، فَثَبَتَ أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ لِلِاسْتِثْنَاءِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ عَنْهُ فَقِيلَ: إِلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ: إِلَى سَنَةٍ، وَقِيلَ: أَبَدًا.

وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا: لَمْ يَصِحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْهُمْ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ، لِمَا يَلْزَمُ مِنَ ارْتِفَاعِ الثِّقَةِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لِإِمْكَانِ تَرَاخِي الِاسْتِثْنَاءِ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا هُوَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهُ تَعَالَى خَاصَّةً، كَمَنْ حَلَفَ وَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي الْإِخْرَاجِ بِإِلَا وَأَخَوَاتِهَا.

قَالَ: وَنَقَلَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} ١

قَالَ: الْمَعْنَى إِذَا نَسِيتَ قَوْلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُلْ بَعْدَ، ذَلِكَ، وَلَمْ يُخَصِّصْ. انْتَهَى.

وَمَنْ قَالَ: بِأَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لَمْ تَصِحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِي "مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ"٢ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ بِلَفْظِ: "إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى يَمِينٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ إِلَى سَنَةٍ"٣.

وَقَدْ رَوَى عَنْهُ هَذَا غَيْرُ الْحَاكِمِ مِنْ طُرُقٍ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ٤ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ سعيد بن منصور٥: ... حدثنا


١ جزء من الآيتين "٢٣-٢٤" من سورة الكهف.
٢ واسمه: "المستدرك على الصحيحين"، للإمام المعروف بالحاكم النيسابوري، تقدمت ترجمته في الصفحة "١٨٠" اعتنى فيه في عدد الحديث على ما في الصحيحين مما رأه على شرط الشيخين، أو على شرط واحد منهما، وما أداه اجتهاده إلى تصحيحه، وإن لم يكن على شرط واحد منهما. ا. هـ. كشف الظنون "٢/ ١٦٧٢".
٣ أخرج الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس موقوفًا عليه بنحوه في الأيمان والنذور "٤/ ٣٠٣" والطبراني في المعجم الكبير "١١٠٦٩". والطبري في تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} "٩/ ٢٢٩". والبيهقي في السنن في الإيمان باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه "١٠/ ٤٨".
٤ هو محمد بن عمر بن أحمد بن أبي عيسى المديني، الأصبهاني، الشافعي، أبو موسى، الحافظ، الثقة، شيخ المحدثين، المولود سنة إحدى وخمسمائة هـ، قال الذهبي عنه: كان حافظ المشرق في زمانه، توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة هـ، من آثاره: "كتاب الترغيب والترهيب، وتتمة الغرييين". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "٢١/ ١٥٢"، شذرات الذهب "٤/ ٢٧٣"، هدية العارفين "٢/ ١٠٠".
٥ هو ابن شعبة، أبو عثمان الخراساني، المروزي، المحدث، المفسر، سكن مكة وتوفي فيها سنة سبع وعشرين ومائتين هـ، من آثاره: "كتاب السنن، وتفسير القرآن الكريم". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "١٠/ ٥٨٦"، شذرات الذهب "٢/ ٦٢"، معجم المؤلفين "٤/ ٢٣٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>