وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي "فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ" التَّأْوِيلُ: آخِرُ الْأَمْرِ وَعَاقِبَتُهُ، يُقَالُ: مَآلُ هَذَا الْأَمْرِ مَصِيرُهُ، وَاشْتِقَاقُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْعَاقِبَةُ وَالْمَصِيرُ. وَاصْطِلَاحًا: صَرْفُ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: حَمْلُ الظَّاهِرِ عَلَى الْمُحْتَمَلِ الْمَرْجُوحِ. وَهَذَا يَتَنَاوَلُ التَّأْوِيلَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، فَإِنْ أَرَدْتَ تَعْرِيفَ التَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ زِدْتَ فِي الْحَدِّ: بِدَلِيلٍ يُصَيِّرُهُ رَاجِحًا؛ لِأَنَّهُ بِلَا دَلِيلٍ، أَوْ مَعَ دَلِيلٍ مَرْجُوحٍ، أَوْ مساوٍ فَاسِدٍ.
قَالَ ابْنُ بَرْهَانَ: وَهَذَا الْبَابُ أَنْفَعُ كُتُبِ الْأُصُولِ وَأَجَلُّهَا، وَلَمْ يَزِلَّ الزَّالُّ إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ.
وَأَمَّا ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَأَنْكَرَ عَلَى إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ إِدْخَالَهُ لِهَذَا الْبَابِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ "أُصُولِ"* الْفِقْهِ فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ يُورَدُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ.
وَاعْلَمْ: أَنَّ الظَّاهِرَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، ولعمل بِهِ، بِدَلِيلِ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِظَوَاهِرِ الْأَلْفَاظِ.
وَإِذَا عَرَفْتَ مَعْنَى الظَّاهِرِ فَاعْلَمْ: أَنَّ النَّصَّ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَهُوَ قِسْمٌ مِنَ النَّصِّ مُرَادِفٌ لِلظَّاهِرِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي:
لَا يَقْبَلُهُ، وَهُوَ النَّصُّ الصَّرِيحُ، وَسَيَأْتِي١ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هذا الباب.
* في "أ": أصل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute