وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي. انْتَهَى.
وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ فِي "النُّبَلَاءِ" فِي تَرْجَمَةِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: ذَهَبَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ إِلَى الِانْكِفَافِ عَنِ التَّأْوِيلِ، وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا، وَتَفْوِيضِ مَعَانِيهَا إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى، وَالَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقْدًا اتِّبَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ.
هَكَذَا نَقَلَ عَنْهُ صَاحِبُ "النُّبَلَاءِ" فِي تَرْجَمَتِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي "النُّبَلَاءُ" إِنَّهُ قَالَ مَا لَفْظُهُ: اشْهَدُوا عليَّ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْ كُلِّ مَقَالَةٍ تُخَالِفُ السَّلَفَ. انْتَهَى.
وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أعني: الجويني، والغزالي، الرازي. هُمُ الَّذِينَ وَسَّعُوا دَائِرَةَ التَّأْوِيلِ، وَطَوَّلُوا ذُيُولَهُ، وَقَدْ رَجَعُوا آخِرًا إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ كَمَا عَرَفْتَ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: "وَنَقُولُ"* فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْكِلَةِ إِنَّهَا حَقٌّ وَصِدْقٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَوَّلَ شَيْئًا مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ قَرِيبًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ الْعَرَبِ، وَتَفْهَمُهُ فِي مُخَاطِبَاتِهِمْ لَمْ نُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَلَمْ نُبَدِّعْهُ، وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا تَوَقَّفْنَا عَنْهُ، وَاسْتَبْعَدْنَاهُ، وَرَجَعْنَا إِلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْإِيمَانِ بِمَعْنَاهُ، مَعَ التَّنْزِيهِ. وَقَدْ تَقَدَّمُهُ إِلَى مِثْلِ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ١ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ"، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا يَطُولُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ النُّقُولِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الفحول.
* في "أ": ونقوله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute