قَالَ سَلِيمٌ الرَّازِيُّ: الشَّافِعِيُّ يُومِئُ إِلَى أَنَّهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ، لَا يَجُوزُ وُرُودَ الشَّرْعِ بِخِلَافِهِ، قَالَ: وَذَهَبَ الْمُتَكَلِّمُونَ بِأَسْرِهِمُ -الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ- إِلَى أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنَ النُّطْقِ، وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ: الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ جارٍ مَجْرَى النُّطْقِ، لَا مَجْرَى "الْقِيَاسِ، وَسَمَّاهُ الْحَنَفِيَّةُ دَلَالَةَ النَّصِّ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ بِقِيَاسٍ وَلَا يُسَمَّى"* دَلَالَةَ النَّصِّ، لَكِنَّ دَلَالَتَهُ لَفْظِيَّةٌ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْعَ مِنَ التَّأْفِيفِ١ مَنْقُولٌ بِالْعُرْفِ عَنْ مَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى.
وَقِيلَ: إِنَّهُ فَهْمُ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ، وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ، كَالْغَزَالِيِّ، وَابْنِ الْقُشَيْرِيِّ، وَالْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَالدَّلَالَةُ عِنْدَهُمْ مَجَازِيَّةٌ، مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْأَخَصِّ وَإِرَادَةِ الْأَعَمِّ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ دَلَالَتَهُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ لَا مِنَ الْقِيَاسِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ: الْقَوْلُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَنْبَغِي لِلظَّاهِرِيَّةِ أَنْ يُخَالِفُوا فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ السَّمْعِ، وَالَّذِي رَدَّ ذَلِكَ يَرُدُّ نَوْعًا مِنَ الْخِطَابِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ ابْنُ حَزْمٍ.
قال ابن تيمية: وهو مكابرة.
* ما بين قوسين ساقط من "أ".