للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ تَأَمَّلَ الْمَفْهُومَاتِ وَجَدَهَا كَذَلِكَ.

وَجَمِيعُ مَفَاهِيمِ الْمُخَالَفَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، إِلَّا مَفْهُومَ اللَّقَبِ.

وَأَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَمِيعَ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "شَرْحِ اللُّمَعِ" عَنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ.

وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ، فَقَالَ الْقَاضِي: إِنَّ النَّقَلَةَ نَقَلُوا عَنْهُ الْقَوْلَ بِالْمَفْهُومِ، كَمَا نَقَلُوا عَنْهُ نَفْيَ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَقَدْ أُضِيفَ إِلَيْهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَالَ بِمَفْهُومِ الْخِطَابِ.

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي كِتَابِ "السِّيَرِ"١: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي خِطَابَاتِ الشَّرْعِ، قَالَ: وَأَمَّا فِي مُصْطَلَحِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَعَكَسَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَالَ: هُوَ حُجَّةٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ وَغَيْرِهِمْ، كَذَا حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ.

وَاخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِلْمَفْهُومِ فِي مَوَاضِعَ.

أَحَدُهَا:

هَلْ هُوَ حُجَّةٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ، أَوِ الشَّرْعِ؟

وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ، حَكَاهُمَا "الْمَازِرِيُّ"* وَالرُّويَانِيُّ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حُجَّةٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ.

وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: لَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ بِحَسْبِ اللُّغَةِ، لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِحَسْبِ الْعُرْفِ الْعَامِّ.

وَذَكَرَ فِي "الْمَحْصُولِ" فِي بَابِ الْعُمُومِ: أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي:

اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي تَحْقِيقِ مُقْتَضَاهُ، أَنَّهُ هَلْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَا الْمَنْطُوقَ بِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ جِنْسِ الْمُثْبَتِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ تَخْتَصُّ دَلَالَتُهُ بِمَا إِذَا كَانَ مَنْ جِنْسَهُ، فَإِذَا قَالَ: "فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ" ٢ فَهَلْ نَفَى الزَّكَاةَ عَنِ الْمَعْلُوفَةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ، أَوْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَعْلُوفَةِ مِنَ الْغَنَمِ؟

وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإسفراييني، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وسليم الرازي، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالْفَخْرُ الرَّازِيُّ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِالنَّفْيِ عَنْ مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ فقط.


* في "أ": الماوردي.

<<  <  ج: ص:  >  >>