للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانُوا يُبَلِّغُونَ الْأَحْكَامَ الْمُبْتَدَأَةَ وَنَاسِخَهَا.

وَمِنَ الْوُقُوعِ: نَسْخُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} ١ الآية. "بنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ"٢ وَهُوَ آحَادٌ.

وَأُجِيبُ: بِأَنَّ الْمَعْنَى: لَا أَجِدُ الْآنَ، وَالتَّحْرِيمُ وَقَعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

وَمِنَ الْوُقُوعِ نَسْخُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ٣ بِالنَّهْيِ عَنْهَا، وَهُوَ آحَادٌ. وَنَحْوُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.

وَمِمَّا يُرْشِدُكَ إِلَى جَوَازِ النَّسْخِ بِمَا صَحَّ مِنَ الْآحَادِ لِمَا هُوَ أَقْوَى مَتْنًا أَوْ دَلَالَةً مِنْهَا: أَنَّ النَّاسِخَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا جَاءَ رَافِعًا لِاسْتِمْرَارِ حُكْمِ الْمَنْسُوخِ وَدَوَامِهِ، وَذَلِكَ ظَنِّيٌّ وَإِنَّ كَانَ دَلِيلُهُ قَطْعِيًّا، فَالْمَنْسُوخُ إِنَّمَا هُوَ هَذَا الظَّنِّيُّ، لَا ذلك القطعي، فتأمل هذا.


١ جزء من الآية ١٤٥ من سورة الأنعام.
٢ أخرجه مسلم من حديث ابن عباس، كتاب الصيد، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع ١٩٣٤. النسائي، كتاب الصيد، باب إباحة أكل لحم الدجاج ٧/ ٢٠٦. ابن ماجه، كتاب الصيد، باب أكل كل ذي ناب من السباع ٣٢٣٤. البيهقي، كتاب الضحايا، باب ما يحرم من جهة ما لا تأكله العرب ٩/ ٣١٥. الدارمي في سننه ٢/ ٨٥. أحمد في مسنده ١/ ٣٠٢. ابن حبان في صحيحه ٥٢٨٠ وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" ٦/ ٢٦٢.
٣ تقدم تخريجه في ٢/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>