الصِّنْفُ الثَّانِي:
الْمُلَائِمُ: وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِ الْوَصْفِ، لَا بِنَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ، وَسُمِّيَ مُلَائِمًا لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ، وَهَذِهِ المرتبة دونما قَبْلَهَا.
الصِّنْفُ الثَّالِثُ:
الْغَرِيبُ: وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، بِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِ الْوَصْفِ فَقَطْ، وَلَا يَعْتَبِرَ عَيْنَ الْوَصْفِ في جِنْسِ الْحُكْمِ، وَلَا عَيْنَهُ وَلَا جِنْسَهُ فِي جنسه بنص وإجماع، كالإسكار في تحريم الخمر، فإنه اعتبر عين الْإِسْكَارَ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، بِتَرْتِيبِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِسْكَارِ فَقَطْ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْغَرِيبِ: تَوْرِيثُ الْمَبْتُوتَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، إِلْحَاقًا بِالْقَاتِلِ الْمَمْنُوعِ مِنَ الْمِيرَاثِ، تَعْلِيلًا بِالْمُعَارَضَةِ بِنَقِيضِ الْقَصْدِ، فَإِنَّ الْمُنَاسَبَةَ ظَاهِرَةٌ، لَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُعْهَدِ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْخَاصِّ، فَكَانَ غَرِيبًا لِذَلِكَ.
الصِّنْفُ الرَّابِعُ:
الْمُرْسَلُ غَيْرُ الْمُلَائِمِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الحاجب الا تفاق عَلَى رَدِّهِ، وَحَكَاهُ غَيْرُهُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ.
الصِّنْفُ الْخَامِسُ:
الْغَرِيبُ غَيْرُ الْمُلَائِمِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالِاتِّفَاقِ، واختلفوا: هل تنخرم المناسبة بالمعاوضة الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُودِ مَفْسَدَةٍ، أَوْ فَوَاتِ مصلحة تساوي المصلحة، أو ترجح عَلَيْهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْأَوَّلُ:
أَنَّهَا تَنْخَرِمُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ، وَاخْتَارَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ١ وَابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ؛ وَلِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ، وَالْمَصْلَحَةَ إِذَا عَارَضَهَا مَا يُسَاوِيهَا لَمْ تُعَدَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ مَصْلَحَةً.
الثَّانِي:
أَنَّهَا لَا تَنْخَرِمُ، وَاخْتَارَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ"، وَالْبَيْضَاوِيُّ فِي "الْمِنْهَاجِ"، وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُعَارَضَةُ دَالَّةً عَلَى انْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فهي قادحة "بلا خلاف*.
* ما بين قوسين ساقط من "أ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute