الرَّازِيُّ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي "التَّقْرِيبِ" عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ.
الْخَامِسُ:
إِنْ تَمَسَّكَ بِهِ الْمُجْتَهِدُ كَانَ حُجَّةً فِي حَقِّهِ، إِنْ حَصَلَتْ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الْمُنَاظِرُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، هَذَا مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ فِي "الْمُسْتَصْفَى"١.
وَقَدِ احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ، بِأَنَّهُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ:
أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي "سَمَّيْتُمُوهُ"* شَبَهًا إِنْ كَانَ مُنَاسِبًا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَاسِبٍ فَهُوَ الطَّرْدُ الْمَرْدُودُ بِالِاتِّفَاقِ.
الثَّانِي:
أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ عَلَى عَمَلِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا بِالشَّبَهِ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَصْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا كَانَ مَرْدُودًا بِالِاتِّفَاقِ، بَلْ مَا لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا إِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمُنَاسِبِ، أَوْ عُرِفَ بِالنَّصِّ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ الْقَرِيبِ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، فَهُوَ غَيْرُ مَرْدُودٍ.
وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّا نُعَوِّلُ فِي إِثْبَاتِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فاَعتَبروٌا} ٢ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ.
وَيُجَابُ عَنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا كَانَ مُسْتَلْزَمًا لِلْمُنَاسِبِ كَالْمُنَاسِبِ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ بِحَالٍ، وَلَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الدَّلَالَةِ، كَمَا سَبَقَ تقريره في أول مباحث القياس٣.
* في "أ": كان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute