للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَدِلُّ، وَتَكُونَ تِلْكَ الْعِلَّةُ مَعْدُومَةً "فِي الْفَرْعِ"* وَيَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ إِنَّمَا كَانَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُعْتَرِضُ، لَا بِالْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُسْتَدِلُّ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: وَهَذَا هُوَ سُؤَالُ الْفَرْقِ.

وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ الَّتِي يُبْدِيهَا الْمُعْتَرِضُ مُسْتَقِلَّةً بِالْحُكْمِ، كَمُعَارَضَةِ الْكَيْلِ بِالطُّعْمِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلَّةٍ، بَلْ هِيَ جُزْءُ عِلَّةٍ، كَزِيَادَةِ الْجَارِحِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ، وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْمُعْتَرِضُ مُسَلَّمَةً مِنْ خَصْمِهِ، أَوْ مُحْتَمِلَةً احْتِمَالًا رَاجِحًا، أَمَّا إِذَا تَعَارَضَتِ الِاحْتِمَالَاتُ، فَقِيلَ: يُرَجَّحُ وَصْفُ الْمُسْتَدِلِّ.

وَقِيلَ: وَصْفُ الْمُعْتَرِضِ.

وَقِيلَ: لَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ هُوَ مِنَ التحكم الْمَحْضِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا مَعَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ، هَلْ تَقْتَضِي هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ إِبْطَالَ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، حَكَاهُمَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ بَيَانُ انْتِفَاءِ الْوَصْفِ الَّذِي عَارَضَ بِهِ الْأَصْلَ عَنِ الْفَرْعِ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ:

أَنَّهُ لَا يَجِبُ، بَلْ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ أَنْ يُبَيِّنَ ثُبُوتَهُ فِي الْفَرْعِ، لِيَصِحَّ الْإِلْحَاقُ وَإِلَّا بَطَلَ الْجَمْعُ.

الثَّانِي:

أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ الْبَيَانُ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِذَلِكَ.

الثَّالِثُ:

أَنَّهُ إِنْ قَصَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ.

وَجَوَابُ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ يَكُونُ إِمَّا بِمَنْعِ وُجُودِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ بِمَنْعِ الْمُنَاسَبَةِ، أَوْ مَنْعِ الشَّبَهِ، إِنْ أَثْبَتَهُ بِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ لَا تَتِمُّ مِنَ الْمُعْتَرِضِ، إِلَّا إِذَا كَانَ الْوَصْفُ الَّذِي عَارَضَ بِهِ فِي الْأَصْلِ مُنَاسِبًا، أَوْ "شَبَهًا"**؛ إِذْ لَوْ كَانَ طَرْدِيًّا لَمْ تَصِحَّ الْمُعَارَضَةُ، أَوْ بِمَنْعِ كَوْنِ الْوَصْفِ الَّذِي أَبْدَاهُ الْمُعْتَرِضُ ظَاهِرًا، أَوْ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُنْضَبِطًا، أَوْ بِبَيَانِ إِلْغَاءِ الْوَصْفِ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ الْمُعَارَضَةُ، أَوْ بِبَيَانِ رُجُوعِهِ إِلَى عَدَمِ وُجُودِ وَصْفٍ فِي الْفَرْعِ، لَا إِلَى ثُبُوتِ مُعَارِضٍ فِي الْأَصْلِ.

وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ فِي الفرع:

فهي أن يعارض حكم الفرع لما يَقْتَضِي نَقِيضَهُ أَوْ ضِدَّهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ بِوُجُودِ مَانِعٍ أَوْ بِفَوَاتِ شَرْطٍ فَيَقُولُ: مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْوَصْفِ وَإِنِ اقْتَضَى ثُبُوتَ


* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ": مشابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>