للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُنَزَّلْ عَلَيْهِ١ "فَإِنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا فِيمَا لَمْ يُنَزَّلْ عَلَيْهِ"* وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِمَحَبَّتِهِ لِلْمُوَافَقَةِ فَائِدَةٌ.

وَلَا أَوْضَحَ وَلَا أَصْرَحَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ من قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وَقَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ٢.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: الْوَقْفُ، حَكَاهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وَابْنُ بَرْهَانَ.

وَقَدْ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا حَسَنًا فَقَالَ: إِنَّهُ إِذَا بَلَغَنَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ، أَوْ لِسَانِ مَنْ أَسْلَمَ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ٣ وَلَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا، وَلَا مَخْصُوصًا، فَإِنَّهُ شَرْعٌ لَنَا، وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الْقُرْطُبِيُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِالتَّعَبُّدِ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ وُقُوعِ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ، فَإِطْلَاقُهُمْ مُقَيَّدٌ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَأْبَاهُ.


* ما بين القوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>