للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعض عليها بالنواجز، فلا يحول ولا يزول، ولو قطع أربا، فهنيئًا لهم بالسلامة، والبعد عن الشبهات الداخلية عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ، وَالْوَرَطَاتِ الَّتِي تَوَغَّلُوهَا، حَتَّى أَدَّتْ بِهِمْ إِلَى الْمَهَاوِي وَالْمَهَالِكِ، وَدَخَلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّبُهَاتُ الْعَظِيمَةُ، فَصَارُوا مُتَحَيِّرِينَ، وَلَا يُوجَدُ فِيهِمْ مُتَوَرِّعٌ عَفِيفٌ، إِلَّا الْقَلِيلُ، فَإِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ وَرَعِ الْأَلْسِنَةِ، وَأَرْسَلُوهَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ بِجُرْأَةٍ وَعَدَمِ مَهَابَةٍ وَحُرْمَةٍ.

قَالَ: وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ دَلِيلٍ لِفَرِيقٍ مِنْهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ إِلَّا وَلِخُصُومِهِمْ عَلَيْهِ مِنَ الشُّبَهِ الْقَوِيَّةِ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ مِنَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ بِقَدْرِ مَا يَنَالُ الْمُسَلَّمُ بِهِ بِرَدِّ الْخَاطِرِ، وَإِنَّمَا "الْمُنْكَرُ"* إِيجَابَ التَّوَصُّلِ إلى العقائد في الأصول بالطريق الذي اقتعدوه وَسَامُوا بِهِ الْخَلْقَ، وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ أَدَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَى تَكْفِيرِ الْعَوَامِّ أَجْمَعَ، وَهَذَا هُوَ الْخُطَّةُ الشَّنْعَاءُ، وَالدَّاءُ الْعُضَالُ، وَإِذَا كَانَ السواد الأعظم هم العوام، وبهم قوم الدِّينِ، وَعَلَيْهِمْ مَدَارُ رَحَى الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ، الَّتِي تَجْمَعُ الْمِائَةَ الْأَلْفَ مَنْ يَقُومُ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي يَعْتَبِرُونَهَا، إِلَّا العدد الشاذ النَّادِرُ، وَلَعَلَّهُ لَا يَبْلُغُ عَدَدَ الْعَشْرَةِ. انْتَهَى.


* في أ: منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>