للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَالْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ.

وَحَكَى فِي "الْمَحْصُولِ" الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ، وَشَرَطَ الْقَاضِي أَخْبَارَ مَنْ يُوجِبُ خَبَرُهُ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ عَالِمًا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَكْفِي خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، فَاكْتَفَوْا بِخَبَرِ عَدْلَيْنِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ "الْمَنْخُولِ" فَقَالَ: وَاشْتِرَاطُ تَوَاتُرِ الْخَبَرِ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا، كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ امْتِحَانَهُ بِالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ، وَمُرَاجَعَتَهُ فِيهَا، فَإِنْ أَصَابَ فِي الْجَوَابِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا تَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ بَيْنَ النَّاسِ.

قَالَ ابْنُ برهان في "الوجيز": قيل: يقول له مجتهد أَنْتَ، وَأُقَلِّدُكَ؟ فَإِنْ أَجَابَهُ قَلَّدَهُ. قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ بأنه يكفيه خبر العدل الواحد من فِقْهِهِ وَأَمَانَتِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ طَرِيقُ الْأَخْبَارِ. انْتَهَى.

وَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ جَمَاعَةٌ مُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، الْمُسَوِّغَةِ لِلْأَخْذِ عَنْهُمْ، فَالْمُسْتَفْتِي مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمْ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عَامَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ وَإِلْكِيَا: إِنَّهُ يَبْحَثُ عَنِ الْأَعْلَمِ مِنْهُمْ، فَيَسْأَلُهُ، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَالْقَفَّالُ، قَالُوا: لِأَنَّ الْأَعْلَمَ أَهْدَى إِلَى أَسْرَارِ الشَّرْعِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فَتْوَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ، فَقِيلَ: هُوَ مُخَيَّرٌ يَأْخُذُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَالْقَاضِي، وَالْآمِدِيُّ.

وَاسْتَدَلُّوا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ إِنْكَارِ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الْمَفْضُولِ، مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ.

وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالْأَغْلَظِ، حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ.

وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالْأَخَفِّ.

وَقِيلَ: يَبْحَثُ عَنِ الْأَعْلَمِ مِنْهُمْ، فَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَبْحَثُ عَنِ الْأَعْلَمِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ، حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ.

وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَعْمَلُ عَلَى الرِّوَايَةِ دُونَ الرَّأْيِ، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ.

وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِيمَا يَأْخُذُ، مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ.

وَقِيلَ: إِنْ كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ أَخَذَ بِالْأَخَفِّ، وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ الْعِبَادِ أَخَذَ بِالْأَغْلَظِ، حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ يَسْأَلُ الْمُخْتَلِفِينَ عَنْ حُجَّتِهِمَا إِنِ اتَّسَعَ عَقْلُهُ لِفَهْمِ ذَلِكَ، فَيَأْخُذُ بِأَرْجَحِ الْحُجَّتَيْنِ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ عَقْلُهُ لِذَلِكَ أَخَذَ بِقَوْلِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ، قَالَهُ الكعبي.


* ما بين قوسين ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>