للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصْبِحُ جُنُبًا١ عَلَى مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أنه "من أصبح جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ" ٢.

وَقَبِلَ عَلِيٌّ خَبَرَ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ، وَكَانَ لَا يَقْبَلُ من غيره إلا بعد تحليفه٣، وقيل أَبُو بَكْرٍ خَبَرَ الْمُغِيرَةِ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ لِمُوَافَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لَهُ٤.

وَقَبِلَ عُمَرُ خَبَرَ أَبِي مُوسَى فِي الِاسْتِئْذَانِ لِمُوَافَقَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَهُ٥.

الثَّانِي:

أَنَّ الظَّنَّين إِذَا تَعَارَضَا، ثُمَّ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، كَانَ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنًا عُرْفًا، فَيَجِبُ شَرْعًا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ" ٦.

الثَّالِثُ:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِالرَّاجِحِ، لَزِمَ الْعَمَلُ بِالْمَرْجُوحِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَتَرْجِيحُ الْمَرْجُوحِ عَلَى الرَّاجِحِ مُمْتَنِعٌ فِي بَدَاهَةِ الْعَقْلِ.

وَاحْتَجَّ الْمُنْكِرُ بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّرْجِيحَ لَوِ اعْتُبِرَ فِي الْأَمَارَاتِ لَاعْتُبِرَ فِي الْبَيِّنَاتِ وَالْحُكُومَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ لَكَانَتِ الْعِلَّةُ فِي اعْتِبَارِهِ تَرَجِيحَ الْأَظْهَرِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَهَذَا الْمَعْنَى قَائِمٌ هُنَا.

الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} ٧ وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ" ٨ يَقْتَضِي إِلْغَاءَ زِيَادَةِ الظن.


١ أخرجه البيهقي من حديث أم سلمة، كتاب الصيام، باب من أصبح جنبا في شهر رمضان ٤/ ٢١٥.
وأحمد في مسنده ٦/ ٣٠٦. ابن حبان في صحيحه ٣٥٠٠. وابن أبي شيبة ٣/ ٨١.
٢ أخرجه البخاري، كتاب الصيام، باب الصائم يصبح جنبا ١٩٢٥. ومسلم، كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب ١١٠٩. والنسائي في الصيام كما في التحفة ١٢/ ٣٤١. وعبد الرزاق في مصنفه ٧٣٩٨. والبيهقي، كتاب الصيام، باب من أصبح جنبا في شهر رمضان ٤/ ٢١٤.
ومالك في الموطأ، كتاب الصيام، باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان ١/ ٢٩٠. وابن حبان في صحيحه ٣٤٨٦. وفي حديث مسلم ١١٠٩ قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك والذي عند ابن أبي شيبة: أن أبا هريرة رجع عن فتياه "من أصبح جنبا فلا صوم له ". والذي عند البيهقي: أن أبا هريرة رضي الله عنه رجع عن قوله قبل موته.
٣ ذكره الرازي في المحصول ٢/ ٢٣٥.
٤ أخرجه أبو داود من حديث قبيصة بن ذؤيب، كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة ٢٨٩٤. ومالك في الموطأ، كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة ٢/ ٥١٣. وابن ماجه، كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة ٢٧٢٤. والبيهقي، كتاب الفرائض، باب فرض الجدة والجدتين ٦/ ٢٣٤. والنسائي في الفرائض كما في التحفة ٨/ ٣٦١. والترمذي ٢١٠٠. وابن حبان في صحيحه ٦٠٣١. وابن أبي شيبة ١١/ ٣٢٠.
٥ أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب الخروج في التجارة ٢٠٦٣. وأبو داود، كتاب الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان ٥١٨٢. ومالك، كتاب الاستئذان، باب الاستئذان ٢/ ٩٦٤. وأحمد في مسنده ٤/ ٣٩٨، ٤/ ٤٠٠. وابن حبان في صحيحه ٥٨٠٧.
٦ تقدم تخريجه في ١/ ٣٤٦.
٧ جزء من الآية ٢ من سورة الحشر.
٨ تقدم تخرجيه في ١/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>