للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي "المسند" و "التِّرْمِذِيِّ" وغيرِهِما عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن وجوهٍ: أن في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظاهرُها مِن باطنِها وباطنُها مِن ظاهرِها وأنها لأهلِ هذهِ الخصالِ الثَّلاثةِ (١).


= فهذه اثنا عشر وجهًا لهذا الحديث. إذا استثنينا الأوجه الأربعة الأولى لسقوطها. فالأوجه الثمانية الأخيرة متراوحة بين الضعيف والحسن في الشواهد والحسن، وهي أكثر من كافية لتصحيح هذا الأصل. وإن تعنّتنا وقلنا: الأوجه الخمسة الأولى ساقطة لا تصلح لصالحة، وحديث طارق بن شهاب آيل إلى حديث ابن سابط ولا يعدوان أن يكونا مرسلًا قويًّا، وحديثا ابن عبّاس ومعاذ بطريقه الألى آيلان إلى حديث ابن عائش ولا يعدو الثلاثة أن يكونوا مرسلًا قويًّا؛ فهذان المرسلان مع حديث ثوبان وجابر بن سمرة والطريق الثانية لحديث معاذ هي أكثر من كافية لتقوية الحديث تبعًا لأحمد والبخاري والترمذي والحاكم وابن عبد البرّ مرّة والبغوي والمنذري والذهبي مرّة وابن كثير وابن رجب والهيثمي والعسقلاني والألباني.
وما هو والله موضع إطالة، لكنني لمّا رأيت المعلّقين على "مسند الإمام أحمد" (طبعة الرسالة) قد ركبوا الصعب والذلول في تضعيف هذا الحديث على كثرة مخارجه وحسن بعضها وصلاح بعضها في الشواهد وضعف بعضها يسيرًا آثرت أن أتوسّع في تخريجه وبيان حاله نصحًا وتحذيرًا. وإنما أُتي من أُتي هاهنا: إمّا من موقف مبرم اتّخذه قبل الشروع في دراسة الطرق، وإمّا من رغبة جامحة بمخالفة الألباني جعلته يتنكّب منهج أهل العلم في تقوية الحديث بكثرة مخارجه إذا كان ضعفها يسيرًا، أو تكاثرت عليه الطرق ثم عجز عن تبويبها وترتيبها بصورة علمية منهجة تفضي به إلى نتيجة سليمة فعاجلها بالتضعيف حفظًا للمقام ودرءًا لتهمة العجز عن الدرس والتحليل.
(١) (صحيح). وقد جاء عن جماعة من الصحابة:
* فرواه: الخرائطي في "المكارم" (١٤٣)، وابن عدي (٢/ ٧٩٥)، والبيهقي في "البعث" (٢٥٤)، والذهبي في "الميزان" (١/ ٥٦٣) تعليقًا؛ من طريق حفص بن عير بن حكيم، ثنا عمرو بن قيس الملائيّ، عن عطاء، عن ابن عبّاس … رفعه. وحفص متروك متهم وقد استنكر حديثه هذا ابن عديّ والذهبي والعسقلاني.
* ورواه: ابن أبي شيبة (٢٥٧٣٤ و ٣٣٩٦١)، وهنّاد في "الزهد" (١٢٣)، والترمذي (٣٩ - الجنّة، ٣ - صفة غرف الجنّة، ٤/ ٦٧٣/ ٢٥٢٧)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (١/ ١٥٦) و"زوائد الزهد" (٩٩)، والبزّار (٧٠٢)، وابن نصر في "مختصر قيام الليل" (٢٢)، وأبو يعلى (٤٢٨ و ٤٣٨)، وابن خزيمة (٢١٣٦)، وابن أبي داوود في "البعث" (٧٤)، والخرائطي في "المكارم" (١٤٢)، وابن عدي (٤/ ١٦١٣)، وابن السنّي (٣١٩)، والسهمي في "جرجان" (٥٢٠)، والبيهقي في "الشعب" (٣٣٦٠) و"البعث" (٢٥٢)، والخطيب في "الجامع" (٢٣٦)، والبغوي في "التفسير" (البقرة ٢٥)، والأصبهاني في "الترغيب" (١٩١٥)؛ من طريق عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة، عن النعمان بن سعد، عن عليّ … رفعه. قال الترمذيّ: "غريب، وقد تكلّم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قبل حفظه". قلت: هو ضعيف منكر الحديث، والنعمان مجهول لا يعرف، ولذلك ضعّف العراقي حديثه هذا.
* ورواه: تمّام في "الفوائد" (١٧٨٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٣٥٦)، والبيهقي في "البعث" (٢٥٣)؛ من طريق عبد الرحمن بن عبد المؤمن الأزدي، سمعت محمّد بن واسع، عن الحسن، عن جابر … رفعه. وعبد الرحمن هذا لا بأس به، وهو غير الحافظ الجرجاني المشهور. والحسن عن جابر مرسل. ولذلك قال البيهقي: "غير قويّ، وروي بإسناد آخر عن جابر".

<<  <   >  >>