للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومِن فضائلِ التَّهجُّدِ أن الله عَزَّ وجَلَّ: يُحِبُّ أهلَهُ، ويُباهي بهمُ الملائكةَ، ويَسْتَجيبُ دعاءَهُم.

رَوى الطَّبَرانِيُّ وغيرُهُ مِن حديثِ: أبي الدَّرْداءِ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "ثلاثة يُحِبُّهُمُ اللهُ ويضحَكُ إليهِم ويَسْتَبْشِرُ بهِم … (فذَكَرَ منهُمُ) الذي لهُ امرأةٌ حسناءُ وفراشٌ حسنٌ فيَقومُ مِن الليلِ، فيقولُ اللهُ: يَذَرُ شهوتَهُ فيَذْكُرُني ولو شاءَ رَقَدَ. والذي إذا كانَ في سفرٍ وكانَ معَهُ ركبٌ فسَهِروا ثمَّ هَجَعوا، فقامَ مِن السَّحرِ في ضرَّاءَ وسرَّاءَ" (١).

وخَرَّجَ الإمامُ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ مِن حديثِ: أبي ذَرٍّ، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "ثلاثةٌ يُحِبُّهُم اللهُ … (فذَكَرَ منهُم) وقومٌ ساروا ليلَهُم، حتَّى إذ كانَ النَّومُ أحبَّ إليهِم ممَّا يُعْدَلُ بهِ فوَضَعوا رؤوسَهُم؛ قامَ يَتَمَلَّقُني ويَتْلو آياتي" (٢). وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.


= وهؤلاء ثقات رجال الشيخين، ولذلك صحّحه الترمذي والحاكم والبغوي والمنذري والنووي والذهبي والعسقلاني في "الفتح" والألباني- ثمّ رأيت العسقلاني يقول في "أمالي الأذكار" (٥/ ٢٧٧ - فتوحات): "وفي تصحيحه نظر؛ فإنّ زرارة، وإن كان ثقة، لا يعرف له سماع من ابن سلام". قلت: أصله قول أبي حاتم عندما سئل عن سماع زرارة من ابن سلام: "ما أراه، ولكن يدخل في المسند"، وقد صرّح بالتحديث عند ابن أبي شيبة، وقال الضياء: "في هذا الحديث بيان سماع زرارة من عبد الله"، ثمّ الرجل ثقة عابد لا يعرف بإرسال ولا تدليس، فالأصل أن تحمل عنعنته على السماع طالما أنّ التاريخ يدعمها، ولا سيّما أنّه سمع من هم في طبقة ابن سلام من الصحابة، وأبو حاتم ظنّ ولم يحقّق، ثمّ إنّه حمل هذه الرواية على الاتِّصال، فكأنّه يريد أنّها من رواية زرارة عن بعض الصحابة عن ابن سلام، وبالجملة فمثل هذا لا يعلّ الحديث. والله أعلم.
(١) (حسن بشواهده). رواه: الطبراني (٢/ ٢٥٨ - مجمع)، والحاكم (١/ ٢٥)؛ من طريق فضيل بن سليمان، ثنا موسى بن عقبة، ثنا عبيد الله، عن أبيه، عن أبي الدرداء … رفعه مطوّلًا ومختصرًا.
قال الحاكم: "صحيح، وقد احتجّا بجميع رواته"، ووافقه الذهبي. قلت: يعني: مجتمعَيْن أو منفردَيْن؛ لأنّ عبيد الله بن سلمان الأغرّ من رجال مسلم وحده، وفضيل لا يعدو أن يكون صالحًا في الشواهد، فالسند كذلك، ولكنّه يتقوّى بما بعده، وقد قوّاه المنذري والهيثمي والألباني.
(٢) (صحيح). قطعة من حديث طويل رواه: ابن أبي شيبة (١٩٣١١)، وأحمد (٥/ ١٥٣)، والترمذي (٣٩ - الجنّة، ٢٥ - باب، ٤/ ٦٩٨/ ٢٥٦٨)، والبزّار (٤٠٢٧ - ٤٠٢٩)، وابن نصر في "القيام" (٢٥١)، والنسائي في "الكبرى" (١٣١٤ و ١٣١٥ و ٢٣٥١ و ٧١٣٨) و"المجتبى" (٢٠ - قيام الليل، ٧ - صلاة الليل في السفر، ٣/ ٢٠٧ / ١٦١٤ و ٥/ ٨٤/ ٢٥٦٩)، وابن خزيمة (٢٤٥٦ و ١٢٥٦٤، وابن حبّان (٣٣٤٩ و ٣٣٥٠ و ٤٧٧١)، والحاكم (١/ ٤١٦، ٢/ ١١٣)، والمزّي في "التهذيب" (١٠/ ٨٢)؛ من طريق قويّة، [عن زيد بن ظبيان]، عن أبي ذرّ … رفعه فذكر المنفق سرًّا والقائم في السفر والمقاتل بعد الهزيمة. وفيه ضعف من وجهين: أوّلهما: أنّهم رووه بإسقاط زيد، ورجّح البخاري والدارقطني إثباته. والثاني: جهالة زيد؛ فإنّه لم =

<<  <   >  >>