للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي "المسند": عن ابن مَسْعودٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "عَجِبَ ربُّنا مِن رجلٍ ثارَ عن وطائِهِ ولحافِهِ مِن بين أهلِهِ وحبِّهِ إلى صلاتِهِ، فيَقولُ ربُّنا تَبارَكَ وتَعالى: يا ملائكتي! انْظُروا إلى عبدي، ثارَ مِن فراشِهِ ووطائِهِ مِن بين أهلِهِ وحبِّهِ إلى الصَّلاةِ؛ رغبةً فيما عندي وشفقةً ممَّا عندي … " وذَكَرَ بقيَّةَ الحديثِ (١).

وقولُهُ "ثارَ" فيهِ إشارةٌ إلى قيامِهِ بنشاطٍ وعزمٍ.


= يرو عنه إلّا ربعيّ بن حراش. وأمّا الترمذي والحاكم فصحّحاه ووافقهما المنذري والذهبي والعراقي.
وله طريق أُخرى يرويها أبو العلاء يزيد بن الشخّير واختلف عليه فيها على وجهين: روى الأوّل: معمر في "الجامع" (٢٠٢٨٢)، وابن المبارك في "الجهاد" (٤٧)، وأحمد (٥/ ١٥١)، وابن منيع، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (١٢٧)؛ من طرق، عن الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن الشخّير، عن ابن الأحمس، عن أبي ذرّ … موقوفا ومرفوعًا بذكر التارك لفراشه والقائم في السفر والمقاتل بعد هزيمة سريّته. وابن الأحمس هذا قال العراقي: "لا يعرف حاله". وروى الثاني: الطيالسي (٤٦٨)، وابن أبي شيبة (١٩٣٤٨)، وأحمد (٥/ ١٧٦)، وابن أبي حاتم (الصفّ ٤ - ابن كثير)، والطبراني (٢/ ١٥٢/ ١٦٣٧)، والحاكم (٢/ ٨٨)، والبيهقي (٩/ ١٦٠)؛ من طريقين قويّتين، عن يزيد، [عن مطرّف]، عن أبي ذرّ … رفعه بذكر القائم في السفر والصابر على جار السوء والمقاتل بعد هزيمة سريّته. فالأظهر أنّ ليزيد شيخين في هذا الحديث، وإن كان لا بدّ من الترجيح؛ فالوجه الثاني أرجح لاجتماع الثقتين عليه وخشية أن يكون الجريريّ لم يحكم الوجه الأوّل. وقد صحّح الحاكم والذهبي هذا الوجه الأخير على شرط مسلم وصحّحه الألباني.
(١) (صحيح). رواه: ابن أبي شيبة (١٩٣٩٥)، وأحمد (١/ ٤١٦)، وأبو داوود (٩ - الجهاد، ٣٧ - الرجل يشري نفسه، ٢/ ٢٣/ ٢٥٣٦)، وابن أبي عاصم في "السنّة" (٥٦٩) و"الجهاد" (١٢٥)، وأبو يعلى (٥٢٧٢ و ٥٣٦١ و ٥٣٦٢)، والشاشي (٨٧٦)، وابن حبّان (٢٥٥٧ و ٢٥٥٨)، والطبراني (١٠/ ١٧٩ / ١٠٣٨٣)، والحاكم (٢/ ١١٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٦٧)، والبيهقي (٩/ ٤٦ و ١٦٤)؛ من طرق، عن حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن مرّة الهمداني، عن ابن مسعود … رفعه. وهاهنا علّتان: أولاهما: أنّ عطاء أختلط، ورواية حمّاد عنه غير مأمونة. وأشار الدارقطني في "العلل" (٨٦٩) إلى الثانية بقوله: "اختلف عن مرّة فرفعه حمّاد بن سلمة ووقفه خالد بن عبد الله". قلت: خالد أوثق من حمّاد ولكنّ روايته عن عطاء أيضًا غير مأمونة. قال الدارقطني: "وروى هذا الحديث قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن مرّة عن عبد الله مرفوعًا، تفرّد به يحيى الحمّاني عن قيس". قلت: كلاهما غير مأمون.
وله طريق أخرى: قال الدارقطني: "ورواه إسرائيل واختلف عنه: فقال أحمد بن يونس عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي الكنود عن عبد الله موقوفًا. وقال يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الكنود موقوفًا. والصحيح هو الموقوف". قلت: هؤلاء كلّهم ثقات، والوقف صحيح من هذا الوجه، لكنّ له حكم الرفع لأنّه لا يدرك بالرأي.
وعلى هذا فالحديث صحيح موقوفًا ومرفوعًا؛ وطرقه الموقوفة تزيد المرفوعة قوّة ولا تعارضها، وقد قوّاه ابن حبّان والدارقطني والحاكم والمنذري والذهبي والهيثمي (٢/ ٢٥٨) وشاكر والألباني.

<<  <   >  >>