للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي البابِ أحاديثُ كثيرةٌ جدًّا.

وخَرَّجَ الطَّبَرانِيُّ بإسنادٍ فيهِ جهالةٌ: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَدْعو يومَ عاشوراءَ برُضَعائِهِ ورُضَعاءِ ابنتِهِ فاطِمَةَ، فيَتْفُلُ في أفواهِهِم، وتقولُ لأُمَّهاتِهِم: "لا تُرْضِعوهُم إلى الليلِ"، وكانَ ريقُهُ - صلى الله عليه وسلم - يُجْزِئُهُمْ (١).

وقدِ اخْتَلَفَ العلماءُ: هل كانَ صومُ يومِ عاشوراءَ قبلَ فرضِ شهرِ رمضانَ واجبًا أم كانَ سنَّةً مؤكَّدةً؟ على قولينِ مشهورينِ. ومذهبُ أبي حَنيفَةَ أنهُ كانَ واجبًا حينئذٍ، وهوَ ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحْمَدَ وأبي بَكْرٍ الأثْرَمِ. وقالَ الشَّافِعِيُّ: بل كانَ متأكِّدَ الاستحبابِ فقطْ، وهوَ قولُ كثيرٍ مِن أصحابِنا وغيرِهِم (٢).

* الحالةُ الثالثةُ: أنَّهُ لمَّا فُرِضَ صيامُ شهرِ رَمَضانَ؛ تَرَكَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمْرَ أصحابِهِ بصيامِ يومِ عاشوراءَ وتأْكيدَهُ فيهِ.

وقد سَبَقَ حديثُ عائِشَةَ في ذلكَ.

وفي الصَّحيحينِ (٣): عن ابن عُمَرَ؟ قالَ: صامَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عاشوراءَ وأمَرَ بصيامِهِ، فلمَّا كانَ فرضُ رَمَضانَ؛ تَرَكَ ذلكَ. وكانَ عَبْدُ اللهِ لا يَصومُهُ إلَّا أنْ يُوافِقَ صومَهُ.


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن سعد (٨/ ٣١١)، والحارث (٣٣٧ - هيثمي)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٣٤٣٧)، وأبو مسلم الكجّيّ (٤/ ٣٠٢ - إصابة)، وأبو يعلى (٧١٦٢)، والطبراني في "الكبير" (٢٤/ ٢٧٧/ ٧٠٤) و"الأوسط" (٢٥٨٩)، وابن منده (٤/ ٣٠٢ - إصابة)، وأبو نعيم (٤/ ٣٠٢ - إصابة)، والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٢٢٦)، والأصبهاني في "الترغيب" (١٨٤٣)؛ من طرق، عن عليلة بنت الكميت العتكيَّة، عن أمّها أمينة، عن أمة الله بنت رزينة، عن رزينة خادمة النبي - صلى الله عليه وسلم - … رفعته مطوّلًا ومختصرًا.
قال الهيثمي (٣/ ١٨٩): "عليلة ومن فوقها لم أجد من ترجمهنّ". وقال ابن رجب: "فيه جهالة".
(٢) قال العسقلاني في "الفتح" (٤/ ٢٤٧): "ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنّه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه، ثمّ تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العامّ، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثمّ زيادته بأمر الأُمّهات أن لا يرضعن فيه الأطفال [قلت: لا يصحّ]، وبقول ابن مسعود الثابت في مسلم "لمّا فرض رمضان ترك عاشوراء"، مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باق، فدلّ على أنّ المتروك وجوبه. وأمّا قول بعضهم "المتروك تأكّد استحبابه والباقي مطلق استحبابه؛ فلا يخفى ضعفه، بل تأكّد استحبابه باقٍ، ولا سيّما مع استمرار الاهتمام به حتّى عام وفاته - صلى الله عليه وسلم - … وأنه يكفر سنة، وأيّ تأكيد أبلغ من هذا؟! " اهـ.
(٣) البخاري (٣٠ - الصوم، ١ - وجوب صوم رمضان، ٤/ ١٠٢/ ١٨٩٢)، ومسلم (١٣ - الصيام، ١٩ - صوم عاشوراء، ٢/ ٧٩٢/ ١١٢٦).

<<  <   >  >>